قصّة مدن مصرية أحياها السوريون

استضافت مدينة (6 أكتوبر)، التابعة إدارياً لمحافظة الجيزة المصرية، العديد من الجنسيات العربية الهاربة من شبح الحروب الدائرة في المنطقة، حيث كان أول من استضافتهم تلك المدينة، التي تبعد ما يقارب (60 كم) عن وسط القاهرة، هم الكويتيون، بعد الاحتلال العراقي لبلدهم عام ( 1990)، ومن ثم جيرانهم العراقيون إبان حرب الخليج الثانية عام (2003)، وأخيراً السوريون بداية العام (2012)، بعد تعرضهم للإبادة الجماعية من قبل قوات نظام "بشار الأسد".

 إلا أن السوريين هم فقط من أضاف الحيوية والنشاط والحياة التجارية والاجتماعية لهذه المدينة الحديثة، في حالة توثّقها الأسطر القادمة.
 


يروي شهود عيان سوريون ومصريون لموقع "اقتصاد" أن السوريين تمكنوا من إحياء الوسط التجاري للمدن المصرية، وأهمها، الرحاب والعبور والشروق والعاشر من رمضان، ومدينة 6 أكتوبر، الأكبر مساحة من سابقاتها، مما أدى إلى ارتفاع كبير بأسعار العقارات في هذه المدن، وخاصة في مدينتي "الرحاب" و"6 أكتوبر"، وذلك بسبب إقبال السوريين على شراء أو استئجار المحلات التجارية والوحدات السكنية، فازدادت أسعار الشقق إلى الضعف في بعض تلك المناطق، ودرجت عادة "الفروغ" بين مستأجري المحلات في ظاهرة كانت غائبة تماماً عن المشهد الاقتصادي في مصر.
 
لكن من جهة ثانية، ورغم أن السوريين قد تسببوا في رفع أسعار العقارات والإيجارات، إلا أنهم بالمقابل أضافوا الحيوية والنشاط إلى تلك المدن الجديدة، من خلال نشاطاتهم الاقتصادية في المقام الأول، والتي تتمثل في صناعة الحلويات والمأكولات الشامية، وامتلاك المقاهي والمطاعم، ومن ثم خلال نشاطهم الاجتماعي الذي يأخذ طابعاً مميزاً من خلال الموالد الدينية واللقاءات الاحتفالية التي نظمتها جهات سورية من مؤسسات وفرق وأفراد.



ويُعتبر امتلاك السوريين للمحال التجارية نوعاً من الالتفاف على القانون، إذ لجأ السوريون للبحث عن شريك مصري، ولو بشكل صوري كـ "واجهة" لتوفير الغطاء القانوني.

 وفي الأحياء ومراكز المدن المصرية –أماكن تواجد السوريين- بات التغيّر واضحاً من خلال مشاهد اللافتات السورية على المحال التجارية، نظراً لاستحواذ السوريين من أصحاب رؤوس الأموال على أغلب المحال التجارية في المناطق الحيوية التي يستأجرونها أو يشترونها بمبالغ باهظة، يصعب على التجار المصريين أن يُجاروهم بها، في ظل الركود الاقتصادي الذي تعاني منه مصر خلال السنوات الثلاث الأخيرة.



وفي ذات السياق، ارتفعت أسعار الإيجارات في مدينة (6 أكتوبر) بسبب الرواج الذي أحدثه السوريون خلال الفترة الأخيرة، حيث ارتفعت أسعار إيجارات الوحدات الإدارية والتجارية بشكل كبير لتتراوح بين (1000 - 3000) جنيه مصري شهرياً، مقابل ارتفاع الاستثمار التجاري إلى أرقام غير مسبوقة، حققها السوريون في استثمار المحال التجارية من مطاعم ومقاهي، وصلت في مناطق تجارية، كـ "الوسط التجاري لمدينة 6 أكتوبر"، إلى ما يقارب الـ (100) ألف جنيه شهرياً أي ما يعادل (12) ألف دولار أمريكي، وكمثال على ذلك مطعم "روستو" الشهير الذي افتتح فرعه الخامس في مدينة (6 أكتوبر)، ضمن محيط تجاري لا يتجاوز (1 كم مربع).


 
ويتراوح إيجار المقهى أو المطعم طبقاً لمساحة والحي من (5000) وحتى (15000) ألف جنيه شهرياً، ويمكن أن يصل هذا الرقم لحد (25) ألف جنيه، وفقاً لشَرطَي الموقع والمساحة، وإذا كانت داخل المولات الكبرى أو خارجها.
 
أما مدينة الرحاب ومنطقة التجمع الخامس بالقاهرة الجديدة، ومدينة الشيخ زايد، فقد شهدت جميعها طفرة كبيرة في أسعار الأراضي والوحدات السكنية خلال السنوات الثلاث الأخيرة، بشكل غير مسبوق، حتى وصل سعر المتر في الرحاب إلى نحو (7) آلاف جنيهاً، فيما بلغ في "التجمع" حدود (5) آلاف جنيه، وفي "زايد" حدود (4) آلاف جنيه، لتكون الزيادة مقارنة بالفترة التي سبقت حضور السوريين في أم الدنيا ما بين (3000 – 5000) جنيه مصري.

ورغم مرور مصر بمحطتين تاريخيتين منذ عام (2011) وحتى يومنا هذا، إلا أن ذلك لم يؤثر أبداً في قطاع العقارات باعتباره قاطرة هامة بتحقيق النمو الاقتصادي مع ارتباط النشاط العقاري بحوالي (90) صناعة مصرية، فخالفت أسعار العقارات كل التوقعات وتجاهلت تماماً توابع ثورة (25) يناير وأحداث (30) يونيو، حين شهدت تلك الزيادة الكبيرة في قيمتها بسبب الإقبال الشديد على هذا السوق من قبل السوريين الذين لجؤوا إلى مصر.



وبلغ عدد السوريين في مصر وفقاً لتقارير وزارة الخارجية المصرية نحو (350) ألف سوري.

ترك تعليق

التعليق