"طريق خارج الدنيا".. من السودان إلى "أم الدنيا"

منذ منتصف العام 2013 فرضت مصر تأشيرة دخول مسبقة على السوريين القادمين لأراضيها، ومنذ ذلك الحين لجأ أغلب السوريين إلى شراء هذه التأشيرة بمبالغ قد تتجاوز آلاف الدولارات بينما لجأ البعض الآخر إلى تقديم طلب للحصول على التأشيرة إلا أن هذه الطريقة لم تحظى بالقبول لدى عموم السوريين، إذ أن الطلبات التي يتم الموافقة عليها لا تتجاوز 5% من مجمل الطلبات المقدمة.

وخلال السنوات السابقة فشلت المنظمات الحقوقية ومفوضية اللاجئين بالقاهرة بالتوصل إلى صيغة تفاهم مع السلطات المصرية حول لم شمل العائلات السورية المتواجدة في مصر.

 ووسط هذه الضغوطات والأوضاع الحالية في سوريا، سعى العديد من السوريين المتواجدين في مصر إلى جلب عائلاتهم أو أقاربهم عن طريق السودان.

 وعلى الرغم من المخاطر الكبيرة التي يتعرض لها أغلب السوريين إلا أن انخفاض الكلفة مقارنةً بالحصول على تأشيرة بشكل نظامي دفع أغلب السوريين الداخلين إلى مصر إلى خوض غمار الطريق الوعر عبر السودان.

نسبة المخاطر ارتفعت نسبياً

وخلال العامين 2014- 2015 كان أعداد السوريين القادمين إلى مصر عبر السودان قليل جداً، ولا يتجاوز في أحسن الأحوال الخمسين شخصاً خلال شهر أو شهرين.

 أما اليوم فقد ارتفعت وتيرة القادمين عبر السودان إلى نسب كبيرة جداً، وهذا ما ظهر جلياً في حجم الطلبات المقدمة إلى مفوضية اللاجئين السوريين في القاهرة للحصول على البطاقة الصفراء الخاصة باللجوء وهي تعتبر الآن بمثابة حماية دولية من الترحيل أو الاعتقال للسوريين القادمين عبر بوابة السودان.

ومع الارتفاع الكبير لأعداد القادمين من السودان فإن نسبة المخاطر قد ارتفعت نسبياً، إذا ما قورنت بالسنوات السابقة، وباتت هذه الطريق محفوفة بالمخاطر والعقبات، إذ يضطر السوريون القادمون إلى مطار الخرطوم للجوء إلى تجار البشر من المهربين لإيصالهم إلى بر الأمان.

 وتبدو الرحلة اليوم أصعب من ذي قبل، إذ أنها قد تستغرق من يوم إلى ثلاثة أيام، جل هذه الرحلة في الصحراء، ولا يختلف تهريب المواشي أو المحروقات أو المواد الغذائية عند هؤلاء التجار عن تهريب البشر، حيثُ يقومون بوضع السوريين في سيارات "بيك آب" كبيرة لتبدأ رحلة المعاناة والتي قد تنتهي بالموت أحياناً.


500 إلى 700 دولار أمريكي

وقد رصد موقع "اقتصاد" من خلال شهود عيان العديد من الحالات التي تم اعتقالهم أو قتلهم خلال عمليات الملاحقة من قبل حرس الحدود المصري.

 ويبدو أن أغلب القادمين عبر بوابة السودان من كبار السن، الأمر الذي قد يودي بحياتهم مقابل الوصول إلى بر الأمان.

 وصحيح أن الكلف منخفضة نسبياً وتتراوح بين 500 إلى 700 دولار أمريكي على الشخص الواحد، إلا أن نسبة المخاطرة عالية جداً، والفرص الحالية لعبور الحدود باتت ضئيلة نسبياً نظراً للاستنفار الأمني على الحدود تحسباً للأعداد الكبيرة الواصلة يومياً.


هذا التدفق الهائل اليوم للسوريين عبر بوابة السودان خلق أعباءً إضافية تضاف إلى كاهل السوريين، من أهمها الحملة الأمنية على السوريين للتأكد من قانونية دخولهم إلى مصر وحصولهم على إقامة، يضاف إلى ذلك حالة التكافل الاجتماعي التي بات يعاني منها السوريون المستضيفون للقادمين الجدد.

وعلى الرغم من جهود المفوضية لقوننة وضع السوريين القادمين من السودان، إلا أن الكثير من هؤلاء يعانون من المرض والفقر وخطر الترحيل، على الرغم من إطلاق السلطات المصرية صراح العديد من المعتقلين القادمين بطريق غير شرعية.

 إلا أن الخطر الحقيقي الذي يواجه السوريين اليوم في هذه الرحلة هو الموت، إما من خلال الحوادث التي تتعرض لها السيارات الناقلة لهم أو خطر الاشتباك بين المهربين وحرس الحدود، وفي كلتا الحالتين فإن الهاربين من جحيم الأسد يفضلون الموت على الحدود المصرية- السودانية من البقاء في سوريا.. وللحديث بقية..

ترك تعليق

التعليق