اقتصاديات.. قصة الوزير "أبو مصفاة النفط"

عانت سوريا في زمن وزير النفط السابق على الثورة، سفيان العلاو، من أزمة مازوت خانقة.. إذ لم تكن مصفاة حمص قادرة على تلبية احتياجات البلد من المادة، بينما تم تخصيص مصفاة بانياس للبنزين..
 
ولأن الرجل من دير الزور، وكل نفط سوريا تقريباً يأتي من المنطقة الشرقية، فقد اقترح على الحكومة في العام 2008 تأسيس مصفاة نفط في دير الزور لحل مشكلة تكرير المازوت بشكل نهائي والتوقف عن استيراده..

الحكومة وجدت نفسها مضطرة للموافقة على الاقتراح، كونه عملي ويوفّر على البلد أموالاً طائلة، لكن أجهزة المخابرات ورجالات القصر المحيطين ببشار، اتخذوا قراراً بتعطيله، لأن مستوردي المازوت والمستفيدين، هم من المقربين منهم..

 غير أن سفيان العلاو، المتحمس في ذلك الوقت، لم يفهم اللعبة جيداً، فأعلن عن مناقصة عالمية لبناء مصفاة نفط، رست في النهاية على شركة نور العالمية للاستثمار الكويتية.. وهنا بدأ المارثون الحقيقي ..
 
في تلك الفترة حضرت عدة اجتماعات بين وزير النفط والشركة، التي تعهدت ببناء المصفاة مقابل مليار و200 مليون دولار، بطاقة إنتاجية كبيرة، جعلت سفيان العلاو يتقدم بدراسة بأنه يستطيع أن يكرر جزءاً من نفط العراق، الأمر الذي سيدر أرباحاً كبيرة، ويسترجع قيمة المصفاة خلال فترة زمنية قصيرة..

بالإضافة إلى أن النظام كان يستورد شهرياً في ذلك الوقت أكثر من مليون برميل من المازوت بقيمة 50 مليون دولار تقريباً.. إذاً المشروع بكافة الحالات رابح..

لكن المفاجأة كانت، عندما جاء كتاب من القصر بالتريث بإنشاء المصفاة وتأجيله، من خلال الطعن بالدراسات الفنية والاقتراحات التي تقدمت بها الشركة والتي كانت تنوي التعاقد مع شركة فرنسية لإنشاء المصفاة..  

  المشكلة فيما بعد وقعت كلها برأس سفيان العلاو، الذي صار اسمه أبو مصفاة النفط، لشدة ما طبّل وزمّر للمشروع.. ففي كل مؤتمر صحفي كان يُسأل عما آلت إليه المصفاة، فيبدأ بالحك برقبته والفرك بأصابع يديه ثم يلقي خطبة من مخلفات الاجتماعات الحزبية..

قلت له مرة على انفراد: ما السبب الذي دفع الجهات العليا لرفض المشروع رغم أن تكاليف إنشاء المصفاة متوفرة بحسب ما كان يقول محمد الحسين وزير المالية..

فرد كمواطن عادي مع تنهيدة مسؤول مقهور: والله لا أعرف..

اليوم، لا ندري.. هل نفرح أم نحزن لأن مشروع المصفاة لم يتم..؟!، فهي كانت ستكون أمام أحد احتمالين.. إما أن يدمرها النظام، أو أن تصبح تحت سيطرة تنظيم "الدولة الإسلامية"..

لكن في النهاية، ذلك يعطينا فكرة عن عقلية العصابة التي كان بشار الأسد يقود بها البلد ويخطط لنهبها وليس لحكمها..

ترك تعليق

التعليق