اقتصاديات.. "ناموسيات" الأمم المتحدة و"ناموسهم"

لا يمكن وصف فرحة أهالي داريا، بعد اكتشافهم لنوعية المساعدات التي وصلت إليهم من الأمم المتحدة، بعد أربع سنوات من الحصار..

فهذه المنظمة العالمية أثبتت لهم بالفعل أن المصيبة أصبح لها مقاييس طول وعرض، ولم تعد مشاعر وأحاسيس فقط..  

منذ البداية كانت الصدمة كبيرة، فمشهد القافلة المحملة بالمساعدات، كان مهولاً، ويوحي بعظمة الأمم المتحدة، غير أنه بعد الكشف عن محتويات هذه القافلة تبين أن ما تحمله، كان بوسع جرار زراعي القيام به، وبالتالي لا حاجة لكل هذا العدد من سيارات المرافقة والأعلام والتزمير ووسائل الإعلام..

 لقد كانت أغلب المساعدات عبارة عن مواد طبية ثانوية مثل أدوية القمل ومنع الحمل و"الشاش" و"السبيرتو"، بينما خلت هذه المساعدات من أية مواد غذائية..

 لكن أكثر ما استوقف أهالي درايا في هذه المساعدات كان "الناموسيات" للوقاية من الحشرات.. فهي فكرة لا تخطر على بال شيطان، فلا يمكن لأناس يعانون يومياً من القصف بشتى أنواع الأسلحة الثقيلة أن تكون لديهم مشكلة مع الناموس والذباب.. فمن هو صاحب فكرة "الناموسيات"..؟!، وهل كانت الأمم المتحدة على علم بآلية استخدام هذه "الناموسيات" أم أن النظام هو من حملها لهم واعتقدوا أنها "شاش" طبي أو شراشف، أو شيء من هذا القبيل..؟!

فكرة الناموسيات ليست بريئة إلى هذا الحد.. فمن أرسلها لا بد أنه أراد أن يوصل رسالة معها.. وخصوصاً أن كلمة "الناموس" في ثقافتنا تعني شيئاً معادلاً للأخلاق والشرف..

بكل الأحوال، مهما كان مرسلها ومقصده منها، سواء النظام أو الأمم المتحدة، فقد أثبت أهالي داريا بعد أربع سنوات من الحصار والقصف، أنه لازال لديهم روح للتعامل مع سخافات الآخرين وتقبلها بروح رياضية.. لأنه يكفيهم فخراً ورجولة، أن النظام ومعه روسيا وإيران وحزب الله، جميعهم عجزوا عن اقتحام مدينتهم رغم عشرات المحاولات..

الأولى أن تعطى هذه "الناموسيات" لمن يدعي  "الناموس" ويفتقده.. فما أجملها من لقطة لو يتم إهدائها مرة أخرى إلى الأمم المتحدة.. لأن النظام معروف سلفاً أنه بلا "ناموس"، وليس لديه مشكلة في إظهار ذلك..

ترك تعليق

التعليق