اقتصاديات.. مخططات من التسعينيات على وقع "بقر شرق.."


كنت إذا أردت أت تعرف ما في داخل أبناء النظام من أوساخ، إجلس مع ضابط مخابرات صغير، ويفضل أن يكون من الطائفة العلوية، بعد أن يكون قد تناول كأساً من العرق، واستمع لأغنية "بقر شرق بقر غرب بقا رجاع".

حدث ذات مرة أن جلست مع جاري في السكن، في منتصف التسعينيات من القرن الماضي، وسمعت منه العجب العجاب.. لقد نطق كلاماً وحشياً، ظللت غير مصدق له إلى أن قامت الثورة ورأيت بأم عيني أن ما يفعلونه بالشعب السوري اليوم، كان مخططاً له منذ فترة طويلة..

في اليوم التالي صحوت على مسدسه وهو في رأسي طالباً مني آلة التسجيل الصحفية الصغيرة التي بحوزتي.. لقد ظن أنني كنت أسجل له حديثه مستغلاً فقده لعقله، لكن عندما عرف أنني لم أقم بهذا الفعل ابتسم بوقاحة وقال لي: يجب أن تنسى ما قلته البارحة..

أما على صعيد المسؤولين الحكومين الكبار، فكنت إذا أردت أن تعرف حقيقة موقفهم من النظام الذي يمثلونه، أخبره أنه شخص ذكي ويستحق منصباً أعلى بكثير من المنصب الذي يشغله.. وقل له أن هناك بعض الأجهزة الإعلامية لا تحبه وتتقصد ترصد أخباره وانتقاد كل انجازاته والتقليل من شأنها، وتضخيم أخطائه.. وسمي له هذه المواقع الإعلامية، لأنهم يعرفون مدى ارتباطها بأجهزة المخابرات.
 
وحدث ذات مرة أن دخلت على وزير الاقتصاد الأسبق، عامر حسني لطفي، بعد الساعة الحادية عشرة ليلاً، بينما كان لا يزال في مكتبه.. قال في ذلك الوقت كلاماً فاجعاً عن القرارات التي تم الطلب إلى وزارته بإصدارها، لصالح رامي مخلوف، وأدت إلى تشليح أبناء ريف دمشق لأراضيهم.. بالإضافة إلى القرارات التي كان يطلب منه إصدارها لفترة معينة ومن ثم طيها.. وتكون قد أعدت لصالح رجالات المخابرات ممن بدأوا العمل في التجارة.. وتحدث وقتها بالكثير الكثير مما لم أعد أذكر تفاصيله الدقيقة..

باختصار، كنا لا نصدق عندما يكاشفنا أحد أبناء النظام، بنظرتهم تجاهنا.. ونظل نعتقد أنهم يقولون هذا الكلام لأنهم ثملون.. أو مقهورون، كصاحبنا الوزير الذي لم يكن "يمون" على حك رقبته.. إلى أن كشفت لنا الثورة أن ما كانوا يصرحون به لم يكن سوى رؤوس أقلام مما يخططون له..

ترك تعليق

التعليق