عجوز بريف حمص الشمالي.. يحوّل الصخور البازلتية إلى تحف، وأمنيته بناء قلعة


 تعتبر أحجار البازلت السوداء، الموجودة في ريف حمص الشمالي الغربي، من أقسى وأجمل أنواع الحجارة، ما دفع الكثير من النحاتين إلى العزوف عنها، والعمل على أنواع أخرى أقل قسوة، وأسهل في التعامل.. ومع ذلك يوجد من يهتم بهذا النوع من الحجارة المتوفرة ببعض مناطق حمص.

 موقع "اقتصاد" التقى النحاتين "أبو عكرمة"، و"صبري أبو الريان"، من بلدة تلذهب، اللذين يمارسان النقر والنحت بالفطرة دون دورات أو دراسة.

 دقّة وصبر

 أبو عكرمة (75عاماً)، بنّاء ونحات حجر.. لم يدرس فنون النحت ولا التاريخ.. مؤهله العلمي سادس ابتدائي، تعلم أسرار النحت بالفطرة.. ولد بيده إزميل ومطرقة بدأ مهنته قبل (40 عاماً) تقريباً.. ولديه الكثير من الأعمال.. كان طموحه بناء قلعة من الحجر البازلتي الأسود، تضم جميع أعماله، إلا أن أولاده لم يساعدوه في تحقيق حلم حياته..

ويضيف أبو عكرمة: "مهنة النقر على الحجر بحاجة إلى دقة وصبر في ممارسة العمل للحصول على أحجار مزينة بالنقوش والرسومات الجميلة"، مشيراً إلى أنه يستمتع كثيراً بممارسة عمله رغم قساوته وقد توقف مؤخراً عن مزاولته نتيجة فقدان المواد وأدوات النحت الجيدة في منطقته المحاصرة بريف حمص الشمالي الغربي، كما قام بطمس وإخفاء معالم بعض منحوتاته بالاسمنت بعدما حذّره بعض الأشخاص بأن هذه المنحوتات ستجلب له مشاكل هو بغنى عنها.

(من منحوتات أبو عكرمة)

 100 عمل نحتي

 ورداً على سؤال لـ "اقتصاد" عن أعماله التي أنجزها، قال أبو عكرمة: "أنجزت في شبابي إلى اليوم، حوالي (100) عمل نحتي، معظمها موجود في منزلي، كما قمت ببيع بعض المنحوتات التراثية الشعبية لأهالي بلدتي"، منوهاً إلى أن بعض "الخبثاء" حاولوا شراء منحوتاته وبيعها على أنها قطع أثرية قديمة.. كما قُدم له عرض مادي مغري للذهاب إلى شمال سوريا وإنجاز أعماله هناك، إلا أنه رفض العرض وأصر على إنجاز أعماله بمنزله المتواضع في بلدة تلذهب القديمة.

وعن أسباب اختياره هذا النوع من الحجر، يذكر أبو عكرمة أهم سبب، وهو "توفر حجر البازلت الأسود بكثرة في منطقتنا التي نسكن فيها، إضافة إلى وجود حجارة كبيرة مشذّبة في منازل القرية القديمة، فكنت أحضرها إلى منزلي مجاناً ودون تكلفة تذكر"، مؤكداً أن النحت على البازلت يعتبر من أصعب الأعمال النحتية، لأن النحات يتعامل مع حجر قابل للكسر في أي لحظة.

(من منحوتات أبو عكرمة)

 مصدر رزق للمحاصرين

 أما النحات، صبري أيو الريان، من بلدة تلذهب أيضاً، والذي بدأ بممارسة هذه المهنة خلال سنوات الحصار، كسباً للرزق وبدرن دراسة وخبرة سابقة، فقد قال لـ "اقتصاد": "نشتري القطع الحجرية الصغيرة والكبيرة من عمال يبحثون عن الآثار بالأراضي الزراعية والمواقع الأثرية القديمة المحيطة بمنطقة "الحولة" كقريتي "طلف" و"كيسين"، ومن ثم نقوم أنا وأولادي بعملية النحت والنقر مستخدمين المطرقة والإزميل والصاروخ الكهربائي ونصنع من الحجارة طواحين البرغل القديمة وجرن دق القمح، وأحجار معاصر الزيتون القديمة، حيث يكثر استخدام هذه الأشياء حالياً، بسبب الحصار المفروض على مدن وبلدات ريف حمص الشمالي من قبل النظام منذ 4 أعوام تقريباً"، مؤكداً بأن وزن بعض الحجارة يزيد عن الطن، وبأن مهنة النحت على الحجر الأسود هي مصدر رزق في ظل الحصار.

الصور الآتية من منحوتات "صبري أبو الريان"




ترك تعليق

التعليق