الطلاق.. قصص وأسباب جديدة تفاقمها الأزمة في سوريا


شهدت محافظة درعا في السنوات الخمس الأخيرة، تسجيل حالات طلاق متزايدة بين الأزواج، الأمر الذي أضاف مشكلة اجتماعية جديدة، بدأت تلقي بظلالها السوداوية على حياة الكثير من الأسر، وتفاقم من صعوبات الحياة المعيشية.

وتقول نهلة 28 عاماً، "تطلقت من زوجي عن طريق الشيخ، بعد أن فقدت الأمل بعودته أو معرفة إن  كان حياً أم ميتاً".

وأضافت أنها تزوجت قبل الثورة بسنة واحدة، وأنها كانت قد أجلت الحمل والولادة ريثما تستكمل دراستها الجامعية التي كانت في صفوفها الأخيرة، مشيرة إلى أن زوجها الذي كان يعمل مدرساً، سافر إلى دمشق قبل ثلاثة أعوام، لمراجعة وزارة التربية، ومنذ ذلك الحين لم يعد.

وقالت: "بحثت عنه كثيراً، أنا وعائلته، ودفعنا مبالغ كبيرة، لكنا لم نستطع أن نعرف أي شيء عنه"، مشيرة  إلى أنها منذ ذلك الحين تعيش في حيرة من أمرها، بعد أن فقدت الأمل بعودته، فقررت الطلاق، بهدف البحث عن زواج آخر، تضمن من خلاله مستقبلها وتصون نفسها، كما أخبرت "اقتصاد".

فيما أكد مراد، 30 عاماً، وهو أب لطفلين، أنه قرر الانفصال عن زوجته بعد أن فقد الأمل بالالتحاق بها في بلاد المهجر، لافتاً إلى أنه أمام ضغط الظروف الأمنية وصعوبة الحياة، سمح لزوجته أن تسافر إلى كندا مع أهلها، على أن يلحق بها بعد أن يبيع بعض أملاكه هنا، لكن انتمائه لأحد الفصائل المسلحة منعه من السفر رغم محاولاته العديدة.

وأضاف: "إنني لن أستطيع السفر، ولا بأي شكل من الأشكال، ولذلك كان الطلاق الحل الوحيد بيننا"، لافتاً إلى أنه تزوج هنا من سيدة أخرى ويعيش معها الآن.

وتقول سعاد، 34 عاماً، "كانت علاقتي بزوجي ليست كما يرام، وكنا على خلاف دائم، بسبب عدم وجود عمل ثابت له بعد طرده من وظيفته، فقرر الهجرة إلى ألمانيا، على أمل أن يبعث لنا لم شمل ونلحق به أنا وأطفالي الثلاثة، لكن مضى على وجوده هناك أكثر من سنتين، ولم يستطع أن يفعل شيئاً حتى الآن ولازلنا ننتظر".

وأضافت: "حياتي هنا أصبحت صعبة مع تلاشي الأمل باللحاق به"، لافتة إلى أنها تفكر بطلب الطلاق بسبب هذه المعضلة، وفقدانها الأمل بالخروج من سوريا لأنها لا تملك أموالاً كافية للخروج.

واستطردت: "منذ فترة توقف عن محادثتنا، وأصبح يكتفي بإرسال مبالغ مالية لنا"، مشيرة إلى أنه وصلتها معلومات غير مؤكدة تفيد بأنه تزوج من امرأة سورية مطلقة، ويعيش معها الآن في إحدى المدن الألمانية.

فيما أكدت أسماء، 21 عاماً، أنها تطلقت من زوجها عن طريق إحدى المحاكم الشرعية، بعد مضي ثلاث سنوات على اعتقال زوجها، لافتة إلى أنه لا أمل في خروجه من السجن، لأنه مصنف كمسلح، وفق ما أخبرها به أحد الوسطاء.

وقالت "لازلت صغيرة لماذا أربط مصيري بإنسان لا زال مصيره مجهولاً؟"، وأردفت: "لا شيء يربطنا أكثر من العشرة لنحو سنة، لقد تزوجنا زواجاً تقليدياً، ولم نرزق بأطفال، ثم ليس لزوجي من أحد ينفق علي أو يقدم لي أي شيء في غيبته، لماذا أنتظر والظروف تزداد صعوبة والمعيشة ضنكة".

من جهتها، أكدت سلمى، 31 عاماً، وهي نازحة من إحدى المحافظات، أن زوجها طلقها بعد أن تم اعتقالها على أحد الحواجز، لتشابه اسمها مع اسم إحدى المطلوبات، مشيرة إلى أنها اعتقلت في إحدى معتقلات النظام لأكثر من شهرين، وبعد إثبات براءتها وخروجها، لم يتقبلها زوجها رغم وجود أربعة أطفال من زواجهما، فطلقها وتزوج بأخرى.

وقالت بحسرة: "لم يكن ذنبي ما حصل، وكل امرأة أصبحت معرضة للاعتقال في سوريا".

فيما أكدت ثراء، 35 عاماً، أنها طلبت الطلاق لعدم قدرتها على الحياة مع زوجها بوجود (ضرّة)". 

وقالت: "كانت حياتنا مستقرة رغم الظروف الصعبة التي يعيشها الناس، وكان دخل زوجي المادي جيداً، فهو يدير مطعماً خاصاً به، لكن حياتنا تغيرت فجأة، بعد أن قرر زوجي الزواج بأرملة من زوجات الشهداء وكفالة أولادها، فخيرته بيني وبينها، فاختارها وطلقني بناءاً على طلبي".   

الناشط الحقوقي، أبو قيس الحوراني، أشار إلى أن "الحرب السورية المشتعلة منذ أكثر من خمس سنوات، عقدت حياة المواطن السوري وأفرزت العديد من المشكلات الاجتماعية، التي لم تكن موجودة قبل الثورة بهذا الحجم وبهذا الانتشار"، لافتاً إلى أن الطلاق بين الزوجين كان يحدث سابقاً، ولكن بصعوبة، بسبب رفض المجتمع لهذا الإجراء، وتدخل الأهل والوجهاء لإصلاح ذات البين بين الأزواج، وكان لهذه التدخلات دور مهم في إعادة الحياة إلى طبيعتها بين الزوجين المختلفين.

وأشار إلى أن من أهم أسباب الطلاق التي كانت معروفة في السابق هي عدم التفاهم، العقم، عدم الرغبة بحياة مشتركة بين الزوجين بسبب العنف ضد الزوجة، وعدم القدرة على الإنفاق، أو بسبب ارتكاب جريمة  شائنة تتنافى والعادات والتقاليد، تدفع أحد الزوجين إلى طلب الطلاق.

ويضيف الناشط: "أما الآن فإن الأسباب مختلفة، ويأتي في مقدمتها الاعتقال والغياب القسري، والهجرة والمصير المجهول لأحد طرفي العلاقة، والظروف الاقتصادية بالغة الصعوبة، وهجرة أحد الزوجين، والاختلاف بين الزوجين حول قضية الهجرة بين موافق ومعارض".

يبقى الطلاق في مجتمع كمجتمعنا، أبغض الحلال إلى الله، ولكن رغم قسوته وتأثيراته الاجتماعية والسلوكية، فهو موجود ويمارس بشكل واسع، وهو نتاج الأوضاع المأساوية التي ولّدها النظام السوري، جراء ممارساته وغيه في مواصلة القتل والتدمير والتشريد، وإن كانت هذه الحالات تحدث في درعا وريفها، فهي أيضاً تعتبر نموذجاً عن الكثير من الحالات، التي تحدث على عموم الأرض السورية.


ترك تعليق

التعليق