هل السوريون خائفون من "ترامب" أوروبي..؟


يتابع اللاجئون السوريون في دول الشتات الأوروبي، أخبار الانتخابات البرلمانية والرئاسية في تلك الدول كما لو أنهم من مواطنيها الأصليين، والكثير منهم بدأ يعرف أسماء الأحزاب وتوجهاتها وزعاماتها وبرامجها الانتخابية وإذا ما كانت معادية للاجئين أم لا.. مدفوعين طبعاً بهاجس الإحساس بأن اللعنة باتت تلاحق السوري أينما ذهب، وهم باتوا لا يستغربون أن تتغير البنية السياسية الديمقراطية في تلك الدول فتتحول إلى ما يشبه الديكتاتورية أو على الأقل معادية للاجئين على غرار ما يجري في أمريكا بعد انتخاب اليميني الشعبوي رونالد ترامب.

علي، المقيم في فرنسا منذ نحو عام ونصف، وينتظر بفارغ الصبر انتهاء اجراءات لم الشمل لعائلته، لديه إحساس أنه إذا لم تصل أسرته قبل الانتخابات الرئاسية التي تتحدث عن صعود اليمين المتطرف بزعامة مارين لوبين، فإن أسرته لن تأتي أبداً إليه، لذلك هو يتابع بامتعاض كل أخبارها وتصريحاتها، وحتى عندما زارت لبنان اعتقد للوهلة الأولى بأنها محبة للعرب، ولكن بعد تصريحاتها النارية المؤيدة لنظام القتل والإجرام في سوريا حسب وصفه، فقد أحس من جديد أن مستقبله في فرنسا تتقاذفه الأمواج وهو غير متأكد من أن حلمه بالاستقرار مع عائلته قد يتحقق..

ونفس الشيء يحدث مع يوسف، اللاجئ في السويد منذ نحو ثلاث سنوات، فهو حتى الآن لم يستطع أن يلم شمل أسرته إليه، ويعتقد أن السبب هو تنامي شعبية اليمين المتطرف هناك، وتخوف الحكومة الحالية من أن يستثمر موضوع اللاجئين في حصد المزيد من الشعبية والوصول إلى السلطة..
 
اللاجئون السوريون وصعود اليمين المتطرف
 
يرى فرج، اللاجئ في ألمانيا منذ نحو عامين، وهو مهندس، أن الكثير من السوريين يعتقدون أنهم السبب في صعود اليمين المتطرف من باب الإحساس بالنحس الذي يلاحقهم، إلا أن الأمر لا علاقة له أبداً باللاجئين السوريين بحسب قوله.

ويوضح فرج أن موضوع اللاجئين بشكل عام يتم استثماره سياسياً من قبل اليمين المتطرف في أوروبا، أو هو أداتها الرئيسية في الحصول على الشعبية، مستفيدين من موجة الإحساس بتزايد الغرباء في بلدهم التي بدأ يشعر بها المواطن الأوروبي، بينما لا تكف بعض وسائل الإعلام عن تذكيره، بأن هؤلاء اللاجئين يعتاشون من أموال الضرائب التي تدفعها، ولولاهم لكان وضعك الاقتصادي أفضل..!

ويتابع فرج، إن المجتمع الغربي تقوده وسائل الإعلام أكثر من السياسيين، وهي في النهاية لا تجد من وسيلة لتبرير الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعايشونها، سوى تحميلها للاجئين، غير أن أزمة المجتمع الأوروبي الاقتصادية ناتجة بالأساس عن توقف النمو الاقتصادي، لافتاً إلى أن هذا الأمر يعرفه أبسط المطلعين على الجانب الاقتصادي.

ترامب الأوروبي

 توجهنا بسؤال لعدد من السوريين اللاجئين في أوروبا، فيما إذا كانوا يتخوفون من أن يتعمم نموذج ترامب في أوروبا، نتيجة للتأثر والتأثير بين السياسة الأمريكية والأوروبية.. فكانت الإجابات مقتضبة ومتضاربة في بعض الأحيان، لكنها في المجمل تخفي قلقاً واضحاً من أن يصل نموذج ترامب إلى أوروبا..

فقد اعتبر نعيم اللاجئ في فرنسا، أن السوري بات مستعداً لكل الاحتمالات، وهو لم يعد يخشى من شيء، لأنه فقد كل شيء..

أما محمود اللاجئ في هولندا، فقد حاول أن يميز بين السياسيين والمجتمع الأوروبي، وهو يرى أن الرهان على المجتمع وليس على السياسيين، معتبراً أن اللاجئ السوري تحديداً، يُنظر إليه بشكل مختلف عن الآخرين، نظراً لحيويته وحبه للعمل والتعلم.

فيما يرى عبد الرزاق المقيم في بلجيكا، أن العداء للاجئين في أوروبا لا يخص قومية بعينها أو فئة معينة، وكذلك يتحمل مسؤوليته اللاجئون أنفسهم، لأن هناك البعض، بحسب قوله، يتعامل من مبدأ بأن البلد التي أتى إليها لا يعرفه أحد بها، لذلك هو يفعل ما يحلو له.. ويضيف عبد الرزاق بأن الإساءات التي يقوم بها بعض اللاجئين أو التي تتم باسمهم، يضخمها الإعلام الأوروبي وتنتشر بسرعة، كالنار في الهشيم داخل المجتمع.. لكنه يرى عموماً، أن الصورة ليست سوداوية حتى لو وصل اليمين إلى سدة الحكم، لأن هذه الدول تحكمها مؤسسات وليس أفراد.

ترك تعليق

التعليق