"اقتصاد" يخترق سيطرة "تنظيم الدولة" في الرقة.. ويطلع على الوضع الاقتصادي فيها


منذ أن دمرت طائرات التحالف جسري الرقة على نهر الفرات والذين يشكلان الشريان الرئيسي للحياة في المدينة، وأسعار السلع الأساسية في تصاعد مستمر، يضاف لهذا السبب الحصار الذي تفرضه قوات سوريا الديمقراطية" قسد".

فمن الجهة الشمالية الشرقية تتمركز تلك القوات بجوار كل من "العبارة، المعيزيلة، الكالطة، وشنينة" على شريط ممتد يبعد حوالي 25 كيلو متر عن مركز المدينة، أما من الجهة الشمالية على محور تل السمن فأصبحت القوات على مشارف بلدتي "بعاص وحزيمة" واللتين تبعدان عن مركز المدينة أقل من 15 كيلو متر.

كما سيطرت تلك القوات على كل من "المحمودلي، السويدات، الجرنية"، غرب المدينة، فأصبح تقدمها متاحاً إلى كل من سد المنصورة وقرى السلحبية.

 تنظيم "الدولة الإسلامية" من جهته، حاول استعادة "المحمودلي والسويدات" والتي تفتح له الطريق إلى مناطق أخرى تحت سيطرته في الريف الغربي للرقة وريف حلب الشرقي، عبر هجوم نفذه ستون انغماسياً تتراوح أعمارهم ما بين أربعة عشرة وثمانية عشر عاماً، وهم من يطلق عليهم التنظيم "أشبال الخلافة"، إلا أن طائرات التحالف قضت عليهم جميعاً، بعد فترة قصيرة من استعادتهم لتلك المناطق.

وتبقى الجهتان الجنوبية والجنوبية الشرقية مفتوحتان أمام التنظيم، حتى تقرر قوات النخبة والتي تعد الذراع العسكري لتيار الغد، برئاسة أحمد عاصي الجربا، والمتمركزة في بلدة "أبو خشب" الواقعة على محور تقاطع بين الرقة ودير الزور والحسكة، التقدم إلى الجنوب الشرقي للمدينة للإطباق الكامل على الرقة كما هو متوقع.

إذن، بات تنظيم "الدولة" في موقف حرج لا يحسد عليه، بعد أن أطبقت قوات التحالف الدولي وحلفاؤها على الأرض، الحصار على مدينة الرقة بشكل شبه كامل، والتي تعد عاصمة دولته المزعومة في الشطر السوري.

وفي ظل هذه التطورات يعيش المدنيون في الرقة أوضاعاً شبه كارثية فهم معرضون لقصف طائرات التحالف والطيران الروسي، ومن جهة أخرى لانتهاكات التنظيم المتكررة والمستمرة والتي تزداد مع تضييق الخناق على التنظيم، وأخيراً، الألغام التي اعتمد التنظيم زراعتها في القرى الفاصلة على محاور القتال، أو القرى التي يرجح التنظيم أن تتقدم إليها القوات المعادية له، ومن المعلوم أن التنظيم يزرع الألغام بدون أية خرائط ترشد على أماكنها، وهو ما سيصعب عملية نزعها في المستقبل.

يضاف لذلك غياب شبه كامل للمستلزمات الطبية والدوائية، أما المواد الغذائية فقد شهدت ارتفاعاً غير مسبوق بنسبة 300% فوصل سعر كيلو اللحم 2900 ليرة في المدينة التي تعتبر غنية بثروتها الحيوانية مقارنة مع بقية المدن السورية الأخرى، أما السكر فوصل سعر الكيس الذي يبلغ وزنه 50 كيلو إلى 38 ألف ليرة، وفي ظل نزوح الأهالي من بيوتهم وصل سعر الخيمة الواحدة "الجادر" إلى 40 ألف ليرة سورية.

أثناء ذلك تزداد تصريحات المسؤولين الأتراك عن عزمهم التدخل في عملية تحرير الرقة، الأمر الذي يزعج الأكراد بدوره، فأصبحت الأطراف المختلفة والتي تحمل مشاريع متضادة تتنازع على قتال التنظيم إعلامياً، وأصبح المدنيون في الرقة والبالغ عددهم 450 ألفاً، مغيبين بشكل شبه كامل عن المشهد الإعلامي والسياسي، ويبدو أنه ليست هناك أية خطة معنية بالتصدي للكوارث الإنسانية القادمة إلى الرقة، فحتى الآن على الأقل لم تسجل حالة إسقاط واحدة للمواد الغذائية أو المعونات الطبية في الرقة وقراها، كما أنه لا يوجد أي مستشفى مدني ميداني يرافق تقدم تلك القوات والتي تنوي القضاء على التنظيم.

ترك تعليق

التعليق