تورط فيها نائب المحافظ.. مصدر قضائي يكشف لـ "اقتصاد" عن فضيحة فساد في طرطوس


أحيل ملف فساد في طرطوس إلى النيابة العامة من أجل تحريك دعوى الحق العام بحق 32 مسؤولاً بالمحافظة، لمتاجرتهم بالمواد الإغاثية المقدمة من الأمم المتحدة لنظام الأسد، وممارسة الابتزاز وقبض الرشاوي.

تدخل منظمات دولية إلى جانب نظام الأسد

كشف ملف فساد أحيل إلى "النيابة العامة" في طرطوس عن مساهمة الجمعيات والمنظمات الدولية في مساعدة نظام الأسد في حربه على الشعب السوري، وذلك بضخ سلع بملايين الدولارات يتم تسليمها لمقاتلي النظام وشبيحته، لمساعدتهم في تغطية مصاريفهم وتفرغهم لقتل السوريين على الجبهات.
 
ويعتبر هذا التصرف من المنظمات التي تمولها "الأمم المتحدة" عبر برامجها المختلفة تدخلاً إلى جانب طرف في النزاع، وهذا مخالف لنظام تأسيسها وانحرافاً عن الغاية الإنسانية التي أنشأت من أجلها.

دعاوى اختلاس وتهديد ضد مسؤولين

رفعت كل من وزارة "الشؤون الاجتماعية والعمل"، و"مديرية محافظة طرطوس"، بصفتهم "الوظيفية"، دعاوى قضائية إلى النيابة العامة في طرطوس، طالبت فيها بتحريك دعوى "الحق العام" على "32" متهماً بقضايا جرمية تتعلق بسرقة مساعدات إنسانية أممية.

جاءت هذه الدعاوى على خلفية تحقيقات قامت بها الجهات الأمنية والرقابية في المحافظة ومن هيئة الرقابة والتفتيش التابعة لمجلس وزراء نظام الأسد.

تضمنت الدعاوى تهماً تخص جرائم "اختلاس الأموال العامة وإساءة الائتمان والتهديد وقبض الرشاوى والابتزاز وإساءة استعمال السلطة".

هذا ونقل الناشط الإعلامي "مصطفى البانياسي" لـ "اقتصاد"، عن موظف في ديوان النائب العام في طرطوس، طلب عدم الكشف عن اسمه، أن "الملف يتضمن أكثر من ألف صفحة لتحقيقات طويلة تناولت المتاجرة بالمواد المخصصة كمساعدات للمواطنين، (سلل إغاثية)، بقيمة تتجاوز 100 مليون ليرة سورية".

وأضاف الموظف أن "القضية قد أحيلت إلى قاضي التحقيق، ولم تصدر أية مذكرات إلى الآن بتوقيف أحد من المتهمين، وتضم القضية أسماء عدد من المسؤولين في المحافظة بالإضافة إلى جهات لهم علاقات دولية خارجية مع المنظمات الدولية التي تتقاسم عائدات الاختلاس معهم".

وكشف مصدر قضائي في محكمة طرطوس لـ "اقتصاد"، طلب عدم التصريح باسمه، عن تورط عدد من المسؤولين الأمنيين بالمحافظة من فرعي الأمن السياسي وأمن الدولة، بالفضيحة، بالإضافة إلى الجهات التي كشفتها صفحات نظام الأسد الموالية، كصفحة "صوت وصورة من طرطوس".

نائب المحافظ حرامي.. ومحاولات لطي الموضوع

وبيّن المصدر القضائي لـ "اقتصاد" أن من بين المدعى عليهم، "نائب محافظ طرطوس"، و"رئيس مجلس إدارة جمعية البتول السابق"، وعدد من العاملين في الجمعية، وأمين سرها السابق، وأعضاء في مجلس المحافظة، ومدير الشؤون الاجتماعية والعمل وعدد من الموظفين بوزارة الشؤون الاجتماعية والعمل.

وتوقع المصدر أن يتم طي القضية لورود أسماء في الملف لا يمكن للقضاء متابعتها لأنها فوق القضاء، موضحاً أن الاتصالات مازالت مستمرة من لحظة إحالة الملف إلى النيابة العامة لتجاهل الموضوع واعتباره سيادياً.

وأكد المصدر القضائي لـ "اقتصاد" أن القضية تدور حول استجرار السلل الغذائية من جمعية البتول بشكل مخالف، وبيعها في السوق السوداء، وفساد في التحقيقات التي دارت حول هذا الأمر بموجب قرار محافظ طرطوس رقم 171 تاريخ 21/9 /2016، الذي نص على تشكيل لجنة للتحقيق برئاسة نائبه. حيث كان "نائب المحافظ" قد جمع عدداً من المتورطين بالقضية بمكتبه "بعد تكلفيه برئاسة لجنة التحقيق"، واتفق معهم على طي الملف وتجاهله مقابل تسليمه 400 سلة إغاثية من جمعية "البتول" تتراوح قيمتها بين "4 إلى 6" مليون ليرة سورية، على أن تتكفل الجمعية بتغطيتها.

وبالفعل تم تنفيذ الاتفاق واستلم "نائب محافظ طرطوس"، الكمية المتفق عليها على دفعتين الأولى 210 والثانية 190 سلة.

وقد اعترف رئيس الجمعية بالتحقيق معه من لجنة الرقابة، أن "نائب المحافظ قد ابتزه ليغطي السرقات المرتكبة بصفته رئيساً للجنة التحقيق الأولية التي شكلها المحافظ".

شكوك حول المحافظ

وقد كشف الساحلي لـ "اقتصاد" نقلاً عن موظف بالمحافظة بأن هناك شكوكاً كبيرة كانت تحوم حول المحافظ نفسه، ولكن ليس هناك أدلة عليه، وأن ما قام به المحافظ من إبلاغ للجهات الأمنية كافة جاء لاستباق الأمر وإخفاء علاقته بالموضوع، بعد أن كشف له رئيس فرع الأمن الجنائي في المحافظة بالكتاب رقم 839 تاريخ 13 /10 عن تولي جهات عديدة التحقيق في الأمر، وبالتالي لم يعد بإمكان المحافظ طي الموضوع.


ترك تعليق

التعليق