إلى أن تُعرف نوايا رئيس فرع الأمن العسكري الجديد بحمص.. الأسعار ما تزال مرتفعة في الريف الشمالي


رغم انخفاض حدة المعارك في الريف الحموي منذ أكثر من أسبوع بشكل ملحوظ، ومرور أكثر من شهر على تفجيرات المربع الأمني في مدينة حمص، مازال هذان الحادثان يلقيان بظلالهما على الأسعار في ريف حمص الشمالي.

فمنذ خروج المنطقة عن سيطرة النظام ومحاصرتها، ارتبطت أسعار جميع السلع التي تدخل من مدينتي حمص وحماه وحتى المنتجة محلياً ارتباطاً كلياً بالطابع الأمني للمنطقة. فبمجرد القيام بأي عمل عسكري في المنطقة تلتهب الأسعار، ومع مرور الوقت تعود الأسعار إلى سابق عهدها.

أبو خليل من سكان مدينة الرستن قال لـ"اقتصاد": "تعودنا على ارتفاع الأسعار خلال المعارك. لكن بعد استقرار المنطقة تعود للانخفاض. أما اليوم فنحن أمام واقع صعب، فرغم مرور وقت كافٍ على معارك حماه وتفجيرات حمص لم تنخفض الأسعار مما يهدد سكان المنطقة بشكل حقيقي. وعلى القائمين على إدارة المنطقة التحرك لأن تجارنا لم يشبعوا بعد".

رغم مرور الوقت واستقرار المنطقة نسبياً، لم تنخفض الأسعار، وذلك بسبب قيام التجار باحتكار المواد بشكل غير مسبوق مما اضطر المحكمة العليا في ريف حمص الشمالي إلى اتخاذ بعض الإجراءات للحد من هذه الظاهرة.

قرار صارم

وعلى الرغم من صرامة القرارات وصدورها من أعلى سلطة على مستوى ريف حمص الشمالي، إلا أنها لم تحل المشكلة أو تحد من الظاهرة أقل ما يمكن. وبعد مرور أكثر من 15 يوماً على صدور القرار لم يتم ضبط حالة واحدة على الأقل رغم قيام التجار باحتكار 80% من أنواع السلع.

ونص القرار الصادر في 25/3/2017 بما يلي:

•    يمنع منعاً باتاً الامتناع عن بيع المواد الضرورية سواء وجدت في المحل أو في مستودع آخر.
•    يمنع منعاً باتاً تقاضي ربح يفوق نسبة الغبن المتغاضى عنها شرعاً.
•    تكليف المحاكم الفرعية بتسيير دوريات تراقب الأسعار والتحري عن المواد التي يمتنع أصحابها البيع منها.
•    أي تاجر يثبت احتكاره لأي مادة سيتم مصادرة المادة وبيعها وفق سعرها خلال الأسبوع الماضي.

"أبو عبدو" من سكان قرية غرناطة قال لـ"اقتصاد": "القرار جيد جداً، ومن أهم متطلبات السكان في مواجهة جشع التجار، لكن بدك مين يطبق، وبعد ما يطبق بدك مين يستمر، ممكن تطلع الدوريات خلال أسبوع أو أسبوعين، هي إذا طلعت، لكن بعدها بملوا وبيرجع التاجر بياخد حريته ويبيع عكيفه"، حسب وصف "أبو عبدو".

ولعل أكثر ما يبرر اصدار القرار وعدم تطبيقه، التزاوج الطبيعي بين المال والسلطة، فهذا واقع لم تستطع الثورة تغييره رغم خروجها على أكثر أنظمة العالم شراً.

تغيير طقم الحاجز

وبسبب حصار المنطقة وعدم وجود طريق يضمن وصول السلع من الشمال السوري، أصبحت حواجز النظام هي الناظم في دخول السلع إلى الريف الشمالي. وتحولت الحواجز إلى معابر مهمتها جبي الضرائب من التجار لصالح الفرع الذي تتبع له. لكن اغتيال رئيس فرع الأمن العسكري في حمص، المسؤول المباشر عن معبر كراج السلام الذي يعد شريان الحياة في الريف الحمصي، زاد الأمر تعقيداً، فرئيس الفرع الجديد لم تعرف نواياه بعد.

ناصر، صاحب محل لبيع الجملة في تلبيسة، قال لـ"اقتصاد": "أياً كانت نوايا رئيس الفرع الجديد، عند رؤيته حقيبة مملوءة بالدولارات فإنه لن يتردد في بيع الطريق لأحد التجار وإدخال السلع ناهيك عن وجود قرارات من القيادة العليا في النظام ببيع الطريق باعتباره مصدر دخل آخر يمول خزانة الدولة، لكن المشكلة تكمن في تسعيرة الطريق الجديدة".

سوقان في ريف واحد

يعتبر الريف الشمالي لحمص مقسوماً إلى منطقتين أو قطاعين، القطاع الشرقي الذي يضم الرستن وتلبيسة وقراهما، والقطاع الآخر الذي يضم الحولة وقراها، وبسبب وجود بحيرة سد الرستن وعدم تحرير بعض القرى على الطريق الواصل بين القطاعين، قسمت المنطقة إلى سوقين متفاوتين بالأسعار. واستغل التجار هذا الانقسام في تحقيق أرباح إضافية عن طريق إغراق أحد السوقين بمادة واحتكارها عن السوق الأخرى، مما يتسبب بارتفاع بالأسعار ثم إدخال المادة إلى السوق الثانية وجني الأرباح، ناهيك عن الفارق الكبير في الحالة المادية لسكان القطاعين، فسكان قطاع الحولة يعتبرون من الأغنياء مقارنة بسكان قطاع الرستن وتلبيسة بسبب وجود عدد كبير من أبنائه في دول الخليج قبل الثورة وتقديمهم المساعدات لذويهم.

أبو رياض من سكان الزعفرانة قال لـ"اقتصاد": "سكان الحولة على استعداد لشراء أي مادة بضعف ثمنها لأن حالهم ميسور بسبب وجود أولادهم قبل الثورة في دول الخليج. أما نحن هنا لا حول لنا ولا قوة، مما جعل إمكانية تحقيق أرباح كبيرة في سوق الحولة أمر مؤكد".

ترك تعليق

التعليق