الثروة الحيوانية في سوريا.. الكذب بالأرقام على المكشوف


إذا كانت الأرقام التي قدمتها وزارة الزراعة التابعة للنظام، بأن عدد الأغنام المتبقية في سوريا أكثر من 13 مليون رأس، مقابل 15 مليون قبل العام 2011، وأن أعداد الأبقار 883 ألف رأس مقابل أكثر من مليون من نفس الفترة، إذا كانت هذه الأرقام صحيحة، فهذا يعني أن الثروة الحيوانية لا تزال بخير، بل على العكس هي أفضل من السابق إذا ما حسبنا أعداد السوريين الذين هاجروا إلى خارج البلد والمقدر بأكثر من ستة ملايين شخص..

لكن والحق يقال أن هذه الأرقام كاذبة ومضللة، لأنه بالعودة إلى أرقام عام 2010، فإنه وبحسب وزارة الزراعة ذاتها، فقد بلغت أعداد الأغنام مع الماعز في سوريا أكثر من 23 مليون رأس، ونحو 6 ملايين رأس من الأبقار.. إذاً، ما الذي يدفع وزارة الزراعة أو النظام لتقديم أرقام كاذبة عن أعداد الثروة الحيوانية في سوريا..؟، ومن جهة ثانية، كيف تسنى لها إجراء إحصاء لهذه الثروة بينما أكثر من نصف مساحة البلد خارج سيطرة النظام..؟!

تشير تقديرات المراقبين، بأن أعداد الأغنام المتبقية في سوريا، هي بالكاد تصل إلى 7 ملايين رأس فقط، وهو رقم وثقته تقارير منظمات خارجية العام الماضي، دون أن تؤكده، بسبب صعوبة إجراء الإحصاء، وهي ترجع هذا التراجع الكبير في أعداد الأغنام في سوريا إلى أن الكثير من مالكي الثروة الحيوانية وبالذات الأغنام والأبقار، هربوا بها إلى دول الجوار، العراق وتركيا تحديداً، وهي تقدر بالملايين، بينما يعتقد أن أكثر من مليون رأس من الأغنام تعرض للنفوق جراء الحرب أو الذبح الجائر في المناطق التي كانت تتم محاصرتها، سواء من قبل النظام أو تنظيم الدولة الإسلامية.

أما بالنسبة لرقم 13 مليون رأس من الأغنام الذي أعلنت عنه وزارة الزراعة مؤخراً، فيشير الموظف السابق في الوزارة، فلاح الأحمد، في تصريح خاص لـ "اقتصاد"، أن إحصاء الثروة الحيوانية منذ سنوات طويلة يعاني من مشاكل كبيرة وقبل العام 2011، إذ أن الكثير من المربين، غالباً ما يقدمون أعداداً أكثر مما هو موجود لديهم من أجل الحصول على كميات زائدة من الأعلاف أو من أجل الحصول على القروض، وكان هذا الأمر يتم بالتواطئ مع الجمعيات الفلاحية وموظفي وزارة الزراعة ذاتهم.

وأكد الأحمد، أنه في الفترة الممتدة من عام 2005 وحتى العام 2010، دفعت سياسات النظام الاقتصادية ومحاربته للأرياف، إلى خسارة أعداد كبيرة من الثروة الحيوانية، إذ كانت أعدادها في العام 2007 أكثر من 22 مليون رأس، لكن بعد ذلك العام والذي شهد عمليات تقنين في المخصصات العلفية، قام الكثير من المربين بتهريب أغنامهم أو تصديرها إلى أسواق الخليج.

وفي ذلك الوقت، أضاف الأحمد، خسرت الثروة الحيوانية أكثر من ستة ملايين رأس خلال ثلاث سنوات، إلا أن وزارة الزراعة كانت تحاول التعمية على هذا الرقم وظلت تتحدث عن 22 مليون رأس حتى العام 2010، بينما الرقم الحقيقي كان بحدود 15 مليون رأس..

وأوضح الأحمد، أن الثورة الحيوانية في أغلبها تتمركز في بادية حمص والمنطقة الشرقية والتي تتبع جغرافياً لبادية حمص، وهي حالياً في أغلبها مناطق صراع بين تنظيم الدولة الإسلامية والعديد من القوى، بما فيها الدولية، لذلك وبحسب الأحمد فإنه من الصعب إجراء إحصاء في هذه المناطق، كما أنه من الصعب أن تتواجد ثروة حيوانية مهمة فيها..

أما المنطقة الأخرى التي يتواجد بها أعداد كبيرة من الثروة الحيوانية، فهي منطقة الجزيرة وصولاً إلى ريف حلب الشمالي، وهي كذلك منطقة صراع.

ويرى الأحمد أن وزارة الزراعة حاولت عبر هذه الأرقام القول بأن الأمور لا تزال بخير، وأن الفاقد من الثروة الحيوانية يبلغ نحو مليونين رأس من الأغنام، وأقل من 200 ألف رأس من الأبقار، مشيراً إلى أنه فاقد طبيعي ومنطقي عند مقارنته بأعداد السكان الذين غادروا سوريا، لكنه تساءل: مادام الأمر كذلك، فلماذا وصلت أسعار اللحوم إلى مستويات قياسية منذ ست سنوات وحتى اليوم..؟، ولماذا هناك حمى لاستيراد اللحوم في وزارة الاقتصاد، حتى وصل الأمر إلى استيراد لحم الجاموس..؟

ترك تعليق

التعليق