اقتصاديات.. موازنة 2018، ما هي مواردها؟


للعام الخامس على التوالي يقر النظام موازنة عامة للدولة، دون أن يكشف عن موارد هذه الموازنة، في الوقت الذي تراجعت فيه قيم الإنتاج بكافة أشكالها إلى ما دون الثمن بالمقارنة مع الفترة قبل العام 2011.. فمن أين يغطي النظام إيرادات هذه الموازنات..؟

أقر النظام لعام 2017 موازنة تجاوزت قيمتها الـ 5 مليار دولار، نسبة الإيرادات الخارجية فيها لم تتجاوز المليار دولار، وكانت أغلبها من الضرائب وتجديد جوازات السفر، بينما لعام 2018 فقد أقر موازنة تقدر بنحو 6 مليار دولار، وكما العادة لم يكشف عن مصادر تغطيتها.. فهل هذا يعني بأن النظام يختزن مبلغاً كبيراً من المال، يستخدمه في كل عام لتغطية نفقات أجهزته الحكومية، أم أن هناك مصادر خارجية بالفعل يمول من خلالها هذه الموازنات..؟!

يبدو السؤال للوهلة الأولى ساذجاً، لأن جميع الموازنات التي أقرها النظام وعلى مدى خمس سنوات، منذ العام 2012 وحتى العام 2017، هي بالكاد تعادل موازنة عام واحد قبل العام 2011، والتي كانت تصل فيها الموازنة إلى أكثر من 15 مليار دولار سنوياً..

النقطة الثانية الأهم، هي القروض.. فحتى الآن لم يكشف النظام عن الرقم الحقيقي لحجم ديونه الخارجية.. والتي تقدرها الأوساط الاقتصادية بأكثر من عشرة مليارات دولار، وأغلبها من إيران.. كما لم يكشف النظام عن جردة حسابات سنوية ونسبة العجز في الموازنات السابقة وآلية تمويلها، كما أنه لم يكشف حتى الآن إذا ما تم صرف الموازنة بحسب ما هو مخطط لها.. بمعنى هل تم السماح للوزارات بإنفاق جميع مخصصاتها من الموازنة..؟، وهل تم صرف الموازنة الاستثمارية كاملة وكما هو مخطط لها أيضاً..؟، كل هذه المعلومات يحجم النظام عن عرضها على وسائل الإعلام، ويستبدلها بعناوين براقة، عن زيادة في الإنفاق الحكومي، وزيادة في مخصصات الوزارات في كل عام عن السابق..

جميع الأسئلة السابقة، تشير إلى أن النظام يخفي شيئاً كبيراً، بحجم الكارثة، والتي سوف تتوضح معالمها لاحقاً، وعند الانتهاء من الحرب والانكشاف على الواقع..

ونحن في هذه الحالة، أمام مجموعة من الخيارات للإجابة على هذه الأسئلة:

الخيار الأول، هو ما كشف عنه مؤخراً رئيس وزراء النظام من أنه تم صرف 14 مليار دولار من الاحتياطي النقدي، خلال ثلاث سنوات، وهو رقم لا يكفي بكل تأكيد لتغطية النفقات الحكومية والحرب خلال تلك الفترة، لأن حجم المستوردات لوحدها، وبحسب بيانات النظام ذاته، لم تقل عن 7 مليارات دولار سنوياً، منذ العام 2013 وحتى العام الحالي، بينما جميع الصادرات لم تتجاوز على مدى تلك الأعوام المليار دولار، بمعدل 200 مليون دولار سنوياً.. وهو أيضا رقم كبير..!!

أما الخيار الثاني، فهو الاقتراض من الخارج، وكما قلنا فإن الدولة الوحيدة التي تقرض النظام هي إيران، وهي لا تقرضهم المال، وإنما السلع فقط..

أما الخيار الثالث، فهو ما أشيع مؤخراً بأن النظام يبيع من احتياطي الذهب في البنك المركزي.. وهو إجراء خطير، وهو الأقرب للواقع، ويفسر الهبوط الكبير في الليرة السورية..

وهناك خيارات أخرى، كدعم رجال الأعمال، وتخفيف العبء عن النظام في متطلباته من المستوردات..

لكن في المحصلة جميع هذه الخيارات، لا تصنع موازنة غير انكماشية.. فهي في تزايد مستمر، وهو ما يعني، إما أن النظام كاذب في بياناته عن هذه الموازنة، أو أنه يعتمد طرق التمويل الذاتي، مما كان قد سرقه من الشعب السوري عبر عصاباته من رجال الأعمال، وعلى رأسهم رامي مخلوف..



ترك تعليق

التعليق