رنا الأبيض.. وجلسة التصوير مع الفقراء والمشردين


قيل الكثير خلال اليومين الماضيين، عن الصور الاستعراضية التي نشرتها الممثلة السورية رنا الأبيض، مع المشردين والمهجرين من أبناء بلدها، في حدائق دمشق، والتي قالت أنها بقصد لفت الانتباه إلى مأساتهم والتحرك لمساعدتهم..

وأهم ما قيل بحقها، هو وصفها بكلمات نابية وبذيئة، تستحقها صراحة، وربما تستحق أكثر منها، نظراً للصور التي ظهرت فيها، وهي بكامل أناقتها، وعريها..

أما اللقطة الأهم التي لم يلتفت إليها أحد، فهي عيناها، اللتان خلتا من معاني الرأفة والرحمة المطلوبة في مثل هذه المشاهد التمثيلية، وبدل ذلك اختارت "أبيض" أن تنطق عيناها بمعاني العهر والإثارة، وهو على ما نظن، مشهد مقصود من ممثلة لا يمكن أن تفوتها مثل هذه الجزئية.

تزول الضبابية عن هذا المشهد، والأسباب التي دفعت أبيض لاختيار لقطاتها، عندما نتابع كلماتها التالية، وهي تخاطب مفتي النظام السوري أحمد حسون، كي يتحرك لمساعدة هؤلاء المشردين، بينما كان الأولى بها أن تخاطب الحكومة، أو أن تخاطب رجال الأعمال مباشرة دون الحاجة لوساطة المفتي.. وهي تعلم علم اليقين، أن حظوتها عند هؤلاء الرجال أكبر وأهم بكثير من حظوة المفتي عندهم.. فلماذا اختارت المفتي تحديداً..؟!

في البداية، دعونا نتفق أن رنا الأبيض ليست بحاجة للفت الانتباه إليها، عبر التقاط صور لها مع هؤلاء المشردين بالذات، وإنما تستطيع أن تلتقط صوراً في موقع آخر، وأن تكون أكثر لفتاً للانتباه، وخصوصاً أنه، كما بدا، ليس لديها مشكلة في إظهار عريها.. وهي مقومات، كافية لوحدها أن تكسر الدنيا، وأن تجعل صورها تتبوأ أهم أغلفة المجلات والشاشات التلفزيونية.

ودعونا نتفق في النقطة الثانية، أن رنا الأبيض، لم تتحرك من تلقاء نفسها، لتصوير هذه المشاهد، في بلد لا أحد يستطيع فيه أن ينطق على هواه، وإنما كل ما فيه تسيره وتوجهه أجهزة المخابرات..

باعتقادنا، أن الرسالة التي أرادت رنا الأبيض إيصالها، هي تخص المفتي تحديداً، وتهدف لإثارة غرائزه الحيوانية، قبل مشاعره الإنسانية، لعلمها أنه هذه الأخيرة ليس من السهولة أن تتحرك، بينما الأولى هي التي لاتزال تعمل لديه وبجدارة.

ولو كان المفتي، مدركاً لحجمه ودوره، لكان أصدر مكتبه بياناً ندد فيه بسلوك رنا الأبيض، ونبهها إلى أنه ليس هكذا يتم مخاطبة المفتي.. ولكن بما أن الاهتمام كله ذهب إلى تحليل صورة رنا الأبيض، فإن النظام يكون قد فشل في الحط أكثر من قيمة المفتي ومنصبه.

بكل الأحوال، رنا الأبيض لم تخسر شيئاً من نشر هذه الصور، ولا نتخيل أن الناس سوف تبصق عليها في الشوارع بعد اليوم، بل على العكس هي تدرك أن كل من نددوا بها، وبالذات من الرجال، يتمنون من أعماقهم، لو أنهم يحظون بجلسة خاصة معها..

أما المفتي، فلا نظن أنه سيفوت هذه اللقطة، فهو الآن يجلس على أحر من الجمر، وربما ينتظر أن تهدأ النفوس، من أجل أن يتصل بها، وبتأمل بها بإمعان وعن قرب..

وبعيداً عن صور رنا الأبيض الشخصية، إلا أن أحداً لم يلتفت لقضية المشردين في حدائق دمشق، والذين يقدر عددهم بالآلاف، ويعانون من غياب الرعاية والمساعدات الحقيقية، وبحاجة فعلاً لأن تتحرك جهة ما لمساعدتهم.

ترك تعليق

التعليق