ديارنة يساهمون في إنعاش الحركة التجارية قرب دمشق


بإمكان المرء أن يبدأ من الصفر مجدداً. تلخص هذه العبارة حال عشرات أصحاب المتاجر والمهن من أبناء مدينة داريا بريف دمشق، الذين أقاموا في المدن القريبة من العاصمة، عقب موجة النزوح الكبيرة التي جرت في المدينة نهايات 2012.

حاول السيد "أبو أحمد" الذي كان تاجراً كبيراً في مدينة داريا، أن يبدأ من جديد، عقب نزوحه من المدينة بسبب احتدام المعارك. بدأ ببسطة وضع عليها بضعة أصناف من الألبسة، كان لا يمتلك سوى مبلغاً صغيراً، فمتجره الضخم غدا تحت قبضة جيش النظام الذي اقتحم داريا.

أقبل الأهالي بمدينة "جديدة" (مكان نزوح التاجر) على شراء ما يعرضه أبو أحمد. ومع مرور الزمن تمكن الرجل من حصد أموال كافية لافتتاح متجر جديد يضاهي مشروعه التجاري القديم ما جعله نموذجاً للعديد من تجار داريا وأصحاب المهن المتنوعة الذين نجحوا أيضاً في إعادة افتتاح مشاريعهم الاقتصادية، على الرغم من الضرر الهائل الذي تعرضوا له جراء الحملة العسكرية المحتدمة على مدينتهم.

تتوزع المحلات التجارية التي افتتحها أهالي داريا في البلدات والمدن القريبة من العاصمة، كالجديدة والكسوة وصحنايا. وأسهمت هذه المشاريع التي بدأت صغيرة بسيطة، ثم سرعان ما تحولت إلى متاجر ضخمة، في تنشيط السوق الاقتصادية داخل المناطق الثلاث. وتقول مصادر أهلية لـ "اقتصاد" إن الإقبال على متاجر أبناء داريا يعتبر جيداً جداً نتيجة السمعة العطرة وعامل الإتقان اللذين يشتهر بهما الديارنة.

محلات أقمشة وستائر، ومتاجر ملبوسات داخلية وخارجية، إضافة لمطاعم الشاورما والفروج المشوي، تضيف جميعها طابعاً جديداً لمناطق النزوح التي كان أهاليها يواظبون قديماً على شراء ما يحتاجونه من طعام وملابس من مدينة داريا ذات الـ 400 ألف نسمة.

وتقول مصادرنا إن ما يميز تجار داريا هو خبرتهم الواسعة في اختيار البضاعة الجيدة والرائجة في السوق المحلي. كما تشتهر المأكولات الجاهزة التي يصنعها الديارنة بنكهة خاصة اعتاد أهالي المناطق القريبة عليها في السنوات الخوالي حيث كانت مدينة داريا تعج بعشرات المطاعم والمحلات ومتاجر الأغذية وصالات المفروشات والموبيليا ومصانع الأدوية والألبسة والمعلبات.

أحد سكان الكسوة تحدث لـ "اقتصاد" عن الوضع الاقتصادي في المنطقة. "كانت المحلات التجارية قليلة قبل موجة نزوح أهالي داريا. وعقب استقرار هؤلاء تحركت المنطقة بسبب الكثافة السكانية التي خلفها النزوح إضافة لافتتاح متاجر ومحلات عديدة من قبل أهالي داريا".

يمتاز أهالي داريا بقدرتهم على العمل الشاق والطويل. وتصعب عليهم حياة البطالة ومد اليد طلباً للمساعدة. لذلك يقبل أهالي هذه المدينة التي غدت منذ أكثر من سنة مقراً للأشباح، على العمل بكل تصميم. ما جعل الكثيرين يحصدون نجاحات كبيرة تشابه تلك التي حققوها في مدينتهم الأم.

ترك تعليق

التعليق