اقتصاديات.. عملاء لا شركاء


ليس بهذه البساطة يستطيع رجل الأعمال أن ينتقل من مرتبة العميل إلى مرتبة الشريك لدى النظام.. فهو لا بد أن يتخطى مراحل كثيرة وصعبة، يتم فيها اختبار ولائه ومدى صموده في دعم النظام وعدم التخلي عنه مهما ألم به من نائبات الدهر..

ومرتبة الشريك، لم يصل إليها إلا القلة القليلة من رجال الأعمال، ويكاد عددهم لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة. وهم بالتحديد من وقع عليهم الخيار لتشغيل أموال بشار الأسد وأخيه ماهر وبعض القيادات الأمنية الرفيعة التي لا تفضل أن تظهر في واجهة الأعمال. أما ما تبقى، وبالذات من رجال الأعمال الكبار الذين يظنون أنفسهم شركاء للنظام، فهم لازالوا عملاء صغاراً له، لكنهم يشعرون عكس ذلك بدفع من النظام ومن أجل تشجيعهم على بذل المزيد.

ومقياس العملاء والشركاء، لا يقتصر على رجال الأعمال فقط، بل هو يشمل الجميع، من عامل النظافة إلى رئيس الوزراء والأمين القطري المساعد للحزب إلى الوزراء ورؤساء المنظمات الشعبية والنقابات المهنية ورؤساء غرف التجارة والصناعة.. فأي من هؤلاء لم يحظ منهم إلا القليل بمرتبة الشريك للنظام، وذلك على مدى تاريخ حكم الأسدين المستمر منذ نحو خمسون عاماً.. وكان حافظ أسد، على سبيل المثال، يعتبر مساعد أول في الجيش، أو رقيب في الأمن العسكري، أكثر قرباً إليه من رئيس وزرائه أو نائبه.. لدرجة ساد اعتقاد في سوريا، وهو قريب جداً من الحقيقة، أن الدولة العميقة ، مؤلفه بالفعل من المساعد أول جميل والرقيب حيدر والعريف علي.. إلخ، وهم من يعتمد عليهم النظام في حكم سوريا ويثق بهم أكثر من غيرهم.

فكرة تقسيم المجتمع في سوريا إما إلى عملاء أو شركاء، دون أن يكون هناك خيار ثالث، دفعت الجميع للتسابق في خدمة النظام من أجل الترقية إلى مرتبة الشريك.. وكم من عميل ظن نفسه شريكاً، ثم جرت تصفيته مع أول نهضة رأس له، ليتبين فيما بعد أنه ليس مجرد عميل فحسب، بل ورخيص جداً.


ترك تعليق

التعليق