اقتصاديات.. مطارات وطائرات وطرق سريعة مأجورة ومترو أنفاق، الكذب مع وزارة النقل أسهل!


تميزت وزارة النقل عن غيرها من الوزارات، أن جميع من تولوها من الوزراء، أطلقوا بعد فترة وعوداً بإنشاء مطار جديد في دمشق، وشراء طائرات إيرباص جديدة، ومد طرق سريعة مأجورة، وحفر مترو أنفاق، والجميع غادروا هذه الوزارة دون تحقيق أي شيء من وعودهم.. فما السر..؟، هل الجلوس على كرسي هذه الوزارة بالتحديد يجعل الوزير كاذباً..؟، أم أن لهذه الوزارة قصة وأمجاد سابقة، وما يفعله هؤلاء الوزراء أنهم يحاولون استعادة هذه الأمجاد، لكنهم يفشلون..؟

بدايةً، وقبل أن نخوض في الفكرة الأساسية، نستذكر في هذا المقام تصريحات وزير النقل العراقي، قبل نحو عامين، عندما تحدث عن أن العراق عرف المطارات والطائرات قبل أكثر من خمسة آلاف عام، أيام السومريين، وهي التصريحات التي جعلته أضحوكة وصلت إلى وسائل الإعلام العالمية، وهذا ما يعني في جانب، أن لهذه الوزارة، على ما يبدو، لوثة سرعان ما يصاب بها الوزير، ويتحول إلى شخص غريب الأطوار..

وفي سوريا، لا يختلف الحال عن ذلك، فقد عرفت وزارة النقل أول سرقة طائرات مدنية في التاريخ القديم والمعاصر، عندما أبرم مفيد عبد الكريم صفقة طائرات إيرباص مستعملة على أنها جديدة، وحصد منها مئات ملايين الليرات، ثم ما لبثت الطائرات بعد فترة من الزمن أن بدأت تتعرض للأعطال الكثيرة، إلى أن توقفت جميعها بعد أقل من خمس سنوات على شرائها.

أما قصة تطوير صالة الركاب في مطار دمشق الدولي، فهي مستمرة منذ العام 2007 وحتى اليوم، عندما تم النصب على شركة "موهيبة" الماليزية، بمبلغ 40 مليون يورو، بحجة أنها لم تلتزم بالعقد المبرم مع الحكومة السورية، ثم فيما بعد كشفت التحقيقات، أن حجم السرقات من أعمال تطوير صالة الركاب في المطار، وصلت إلى مئات ملايين الليرات كذلك، والتي نفذتها شركات سورية، تبين أنها وضعت أسعاراً أعلى بنسبة 25 بالمئة من الأسعار الرائجة.. إلا أنه تم التغطية على الموضوع.. لأنه لا يعقل أن يدخل وزيرا نقل من نفس المدينة ومن نفس الطائفة، إلى السجن وبنفس التهمة، التي هي السرقة..!، وهما مفيد عبد الكريم ويعرب بدر..

بعد يعرب بدر، استمر النظام، بتلزيم هذه الوزارة لأبناء الطائفة العلوية حصراً، من فيصل عباس في العام 2011 إلى محمد إبراهيم سعيد في العام 2012، وصولاً إلى علي حمود الذي لايزال على رأس منصبه منذ العام 2016، وظللنا نسمع عن إنشاء مطار جديد في دمشق ومترو أنفاق وطرق سريعة وشراء طائرات، دون أن يتحقق منها أي شيء..

وبعد التدقيق والمتابعة، تبين أن وزارة النقل هي من أكبر الوزارات وأكثرها مردودية على جيوب الوزراء والمسؤولين، نظراً لحساسيتها من ناحية المطارات المدنية، والمصائب التي يتم إدخالها عبر هذه المطارات، هذا فضلاً عن المصيبة الأخرى، النقل البحري، وعمليات التهريب التي تتم من خلال هذا القطاع ويجب التغطية عليها.. لذلك لا يجوز أن يتولى هذه الوزارة سوى الثقات والمقربين، حتى لا يطلع غيرهم على هذه الأسرار.. هذا ناهيك عن رسوم السيارات وإنشاء الطرقات، والتي جميعها تقع تحت سلطة وزارة النقل، ويجني منها الوزير أموالاً طائلة عبر العقود التي يتم تلزيمها لأشخاص محددين.

كل ذلك، يدفع كل من يتولى هذه الوزارة إلى اقتراح مشاريع ضخمة، أملاً في أن يستجيب النظام لتحقيقها، ويجنون منها الأرباح الشخصية، وليس حباً بالوطن والإنجاز.. وما تقدم به مؤخراً وزير النقل الحالي علي حمود من دراسات لإنشاء مطار جديد في دمشق وشراء طائرات إيرباص ومد طرق سريعة، ليست إلا الدراسة التي وضعها الحرامي الأبرز في وزارة النقل، الراحل مفيد عبد الكريم، ثم قدمها بعده جميع الوزراء الذين تعاقبوا على هذه الوزارة.. الدراسة هي ذاتها دون تغيير..!!

ترك تعليق

التعليق