اقتصاديات.. درعا تباد، ومحمد حمشو يحتفل باسم الشام


بالأمس احتفل تجار دمشق بافتتاح فعالية "الشام بتجمعنا" على أرض حديقة تشرين بدمشق، بعد تحضيرات استمرت لأكثر من خمسة أشهر، وذلك بهدف الاحتفال بما أسموه "انتصار الجيش العربي السوري على الإرهاب"، وذلك بحسب بيان وزعته غرفة تجارة دمشق، الجهة المنظمة للاحتفالية.

ليس لافتاً أن هؤلاء التجار يحتفلون بينما درعا على بعد عدة كيلو مترات منهم تباد بشتى أنواع الأسلحة، لأنهم لم يتوقفوا عن الاحتفال منذ سبع سنوات وإلى اليوم، وفي وقت كانت تنتهك فيه حواريهم التي ولدوا فيها وخرجوا منها، وغوطتهم التي شكلت مصدر انطلاقتهم ورزقهم.. فهؤلاء باختصار شديد، رباهم النظام المجرم على قلة الشرف والأخلاق والضمير، وها هو اليوم يحصد نتائج هذه التربية.

وبالأمس كذلك، اتصل بي صديق صحفي من داخل دمشق، ليعبر لي عن قهره وهو يرى محمد حمشو يمشي مزهواً عند افتتاح الفعالية وقد غزا الشيب جل شعره، بينما تدلى كرشه أمامه وتضخمت مؤخرته، دلالة فقدانه للإحساس، بحسب وصف هذا الصديق.

وقال لي: "لقد استطاع حمشو أن ينقذ نفسه في اللحظات الأخيرة، من خلال إعداده لهذه الفعالية وإشرافه على تنظيمها بالإضافة إلى الإنفاق عليها.. لأنه خلال السنوات الماضية، حاول أن يقف في منطقة وسط بين النظام والمعارضة، بعدما أحس أن الأمور تخرج عن سيطرة بشار الأسد في العام 2013.. لذلك النظام لم يغفر له هذه الغلطة وقد أخذ يسرب إشاعات في العام 2014 وما بعدها على أن حمشو شخص "حقي" و "مصلحجي"، والأيام أمامه ليست طويلة لكي يلقى حسابه".

وأضاف هذا الصديق الذي كان على إطلاع على قصة حمشو مع النظام بحكم عمله الصحفي: "في العام 2013، أعلن حمشو أنه لم يعد قادراً على تمويل تلفزيون "سما"، الدنيا سابقاً، الذي يملك حصة أكثر من 40 بالمئة فيه، بسبب العقوبات الغربية عليه جراء دعمه للنظام، ففهم هذا الأخير أن حمشو إنما يتهرب، فقام بدعمه مالياً من أجل الاستمرار في عمل التلفزيون، لكنه اعتبر ذلك أول غلطة يرتكبها حمشو.. وفيما بعد علم النظام أن حمشو يتواصل مع المعارضة من خلال معاذ الخطيب الذي كان قد تولى رئاسة الائتلاف الوطني منذ نهاية العام 2012 وحتى منتصف العام 2013، لكن حمشو برر هذا التواصل بأنه شخصي بسبب علاقة صداقة تربطه بالخطيب.. وأيضاً حاول النظام أن يستوعب هذه الغلطة بحسب قول هذا الصديق، لكنه وضعها في ميزان سيئاته".

ولاحقاً، والقول لهذا الصديق، "أظهر حمشو تهرباً من كل المسؤوليات التي تم تكليفه بها لدعم النظام، وقام بتهريب جزء كبير من أمواله عبر مقربين منه، إلى البنوك الأوروبية ودولة الامارات العربية، لكي يتخلص من العقوبات الاقتصادية المفروضة عليه. لكن النظام علم أن حمشو يستعد لأسوأ الاحتمالات، بما فيها سقوط النظام".

وأخيراً، وبعد أن كثرت أخطاء حمشو، أحس هذا الأخير منذ العام 2016، أن النظام قد يعيد سيطرته على البلد، بعدما استعان بالتدخل الروسي، لذلك أخذ يفعل المستحيل من أجل أن يعود إلى سابق المكانة التي كان عليها لدى النظام، وخصوصاً أن هذا الأخير هو سبب نعمته التي ظهرت عليه، بعد فقر مدقع.

وكان النظام أن وعده بالمسامحة بشرط أن يؤدي ما عليه من التزامات اتجاهه، وأن يلعب دوراً في دعمه.. لذلك منذ العام الماضي، ظهر حمشو كعراب جديد لمعرض دمشق الدولي، بعد توقف لمدة خمس سنوات، ثم بعدها مباشرة، بدأ بالإعداد لفعالية أطلق عليها اسم "الشام بتجمعنا" وهي عبارة عن مهرجان تسوق، وقع الاختيار على إقامته في أرض حديقة تشرين بدمشق، وتستمر لمدة شهر، ويتضمن المهرجان كذلك العديد من الفعاليات الفنية والغنائية، والهدف منه إظهار سكان دمشق على أنهم خارج سياق الواقع الذي تعيشه باقي المدن السورية من حصار وقصف.. بالإضافة إلى أن ريع جميع الفعاليات التي تتضمنها الاحتفالية سوف يؤول إلى أبناء قتلى النظام بالدرجة الأولى.

ويختم هذا الصديق: "رغم كل ما فعله ويفعله حمشو في سبيل نيل الرضا من النظام، فلا زال هذا الأخير يشيع بأنه مطلوب منه أكثر من ذلك بكثير لكي يغفر له.. فما عساه حمشو أن يفعل لتحقيق هذا الرضا..؟".

هذا ما ستخبرنا به الأيام القادمة..

ترك تعليق

التعليق