اقتصاديات.. اقتصاد الكذب


عبث، ما يقوم به النظام، من محاولات لاستجرار الأموال السورية المتواجدة في البنوك اللبنانية، حتى وصل الأمر إلى حد تلفيق التقارير الوهمية، والمزورة، التي تتحدث عن هروب مستثمرين سوريين بالعشرات من لبنان والعودة بأموالهم إلى سوريا، بسبب شبح الإفلاس الذي يخيم على الاقتصاد اللبناني، ومعه البنوك.

واللافت أن هروب هؤلاء العشرات بأموالهم إلى البنوك السورية، لم يترافق أبداً مع بيانات للبنوك السورية تشير إلى تنامي الإيداعات لديها، بل على العكس، فإن جميع المؤشرات تقول، بأن البنوك السورية، ربما تواجه شبح الإفلاس أكثر من نظيرتها اللبنانية، وقد تجلى ذلك واضحاً من خلال سعي المصرف المركزي المحموم لإصدار شهادات إيداع بالدولار، ومن ثم الإعلان عن طرح عملة معدنية من فئة الخميس ليرة قبل نهاية العام الحالي، في محاولة، على ما يبدو، لوضع حد للشائعات التي تقول بأن النظام قد يضطر لحذف صفر من عملته المحلية، لمواجهة التضخم النقدي.

اقتصاد النظام السوري يقوم حالياً على الكذب والوهم، بحسب وصف الكثير من المحللين، فهو من جهة يربط عملية الانتعاش الاقتصادي بالانتصارات العسكرية التي يحققها على الشعب السوري، ومن جهة ثانية، يخفي حجم الانفاق على هذه العمليات، ومن ثم حجم الانفاق على المناطق الجديدة التي تدخل ضمن سيطرته، لأن ذلك يتناقض مع دعواه بالانتعاش، بل على العكس فإن ذلك يرتب عليه الكثير من المصاريف الجديدة، غير المتوفرة في خزائنه وميزانيته.

باختصار، النظام السوري، يخطط لأكبر عملية نصب بحق أصحاب الأموال من السوريين، إنه يريد بالضبط أن يستجرهم إلى داخل البلد، هم وأموالهم، من أجل أن يضخوها في سوق العمل والإنتاج، ثم لتعود بالنفع عليه، وتؤمن له شريان حياة جديد يساعده على البقاء والاستمرار.

إلا أن أبسط قواعد الاستثمار تقول، بأن البلد الذي يعاني من عدم استقرار سياسي، لا يمكن لأي عمل أن يكون ناجحاً فيه، باستثناء ذلك الذي يتشارك به مع السلطة، ويتقاسم معها الأرباح والمصالح.. ونظام الأسد الذي بدأ يتخلى عن قطاعاته الاقتصادية بالإجبار، لصالح الروس والإيرانيين، مقابل ديونهم، لم يعد لديه ما يشارك به هؤلاء المستثمرين، سوى ببعض الأعمال العقارية، كما في المشاريع التي بدأ يعلن عنها، في ماروتا سيتي وحي القابون وغيرها من المناطق خارج مدينة دمشق أو حولها، وهذه المشاريع، ومن خلال نظرة سريعة عليها، يمكن ملاحظة أنها تستهدف الطبقة الغنية، التي فرت في أغلبها من البلد، وهو ما يجعل الجدوى الاقتصادية منها غير فعالة، وغير مشجعة لرجال الأعمال.

نهاية القول، هناك أكثر من 20 مليار دولار في البنوك اللبنانية، تعود لسوريين، وفي حال عاد جزء كبير من هذه الأموال إلى البنوك السورية، فإنها سوف تخفف أعباء كثيرة عن النظام، ولا تضطره إلى اتخاذ إجراء آخر قد يؤدي إلى إدخال الاقتصاد السوري في المجهول، والمتوقع في هذه الحالة، هو إصدار سندات خزينة لتمويل مشاريع إعادة الإعمار أو لتأمين مصروفات الحكومة.. وهو خيار إجباري في حال الفشل في استجرار رؤوس الأموال السورية، وفشل شهادات الإيداع، إذا لم يحصل من خلالها على الكتلة النقدية المطلوبة من العملات الصعبة.

وأغلبنا ربما يعلم ماذا تعني سندات الخزينة، بالنسبة لدولة، فقدت مقدراتها الاقتصادية الطبيعية والبشرية والإنتاجية.. والأهم من كل ذلك، من له مصلحة بشراء هذه السندات، سوى الدول التي يصفها النظام بالمعادية له..؟

ترك تعليق

التعليق