رمضانيات.. تخفيض سعر صرف الدولار بـ "الحذاء"


قبل أيام، انتقد رئيس وزراء النظام، عماد خميس، القرارات القسرية التي اتخذها المصرف المركزي سابقاً، من أجل تخفيض سعر صرف الدولار، معتبرا أن ذلك أكثر ما أضر بالليرة وبالاقتصاد، بنفس الوقت.

كلام خميس كان خلال كلمة ألقاها في مجلس الاتحاد العام لنقابات العمال، الذي انعقد مطلع الأسبوع الماضي، وتضمن نقاشات حادة حول العديد من المواضيع الحامية، والتي اعتاد العمال على طرحها بصوت مرتفع منذ أكثر من أربعين عاماً دون جدوى.

ففي بداية حديثه، انتقد خميس قرارات المصرف المركزي منذ العام 2012 بضخ الدولار في أسواق الصرافة، بهدف خلق توازن بين العرض والطلب، كاشفاً في هذا المجال، أن مجمل ما تم ضخه في تلك الفترة وحتى العام 2014، بلغ أكثر من 5,5 مليار دولار، دون أن تؤدي إلى نتائج حقيقية على سعر الصرف.

واعتبر خميس أن هذا الإجراء القسري، تسبب بنزيف الاحتياطي النقدي من العملات الصعبة، والتي ذهبت إلى جيوب قلة من المضاربين، كما وخسرت الخزينة العامة مبلغاً كبيراً، كان من الممكن استثماره في مشاريع انتاجية تعود بالنفع على الاقتصاد.

واللافت أن خميس لم يتطرق بالنقد إلى فترة تولي دريد درغام للمصرف المركزي خلفاً لأديب ميالة، والذي تزامن تقريباً مع توليه رئاسة الحكومة، سيما وأن درغام هو صاحب القرارات القسرية، بتخفيض سعر صرف الدولار، عندما أصدر قراراً في العام 2017 بتثبيت الصرف عند نحو 430 ليرة مقابل الدولار، بعد أن كانت أسعار السوق الموازية تصل إلى ما فوق 500 ليرة للدولار، وهو القرار الذي لا يزال ساري المفعول حتى اليوم، ويكبد الخزينة العامة للدولة، الكثير من الخسائر في الإيرادات نتيجة للفارق في سعر الصرف، بين الدولار الرسمي ودولار السوق السوداء، والذي وصل إلى نحو 130 ليرة.

لقد تجاوز خميس هذه المحطة في كلامه وتحليله، وانتقل لشرح الأسباب الحقيقية التي أدت إلى تراجع الليرة السورية في الآونة الأخيرة، والتي هي حسب قوله، تعود إلى اعتبار الحكومة السابقة لسعر الصرف بأنه معيار للتنمية، وهو ما أدى إلى خسارة كم كبير من العملات الصعبة، التي صرفت في سبيل المحافظة على الليرة.. بينما رأى خميس أن من يحكم هذه العملية هو قانون العرض والطلب، فطالما هناك طلب على القطع الأجنبي وهو غير متوفر، فسوف يرتفع سعر الصرف، لكنه لم يقل كيف يمكن أن يتحقق هذا التوازن بين العرض والطلب.

ثم انتقل خميس إلى السبب الثاني من أسباب تراجع سعر صرف الليرة السورية، وهو العقوبات الاقتصادية على رجال الأعمال والتي حرمتهم حسب قوله، من إدخال الدولار إلى السوق السورية.

من جهتنا، اسمحوا لنا أن نقدم لكم السبب الحقيقي وراء تراجع سعر صرف الليرة السورية المتسارع أمام الدولار، والذي بدأ على وجه التحديد قبل أكثر من سبعة أشهر، والذي لا يرغب أحد بالحديث عنه..
 
السبب بكل بساطة، هو توقف تجارة النفط بين النظام وتنظيم "الدولة الإسلامية" أولاً، ومن ثم توقف هذه التجارة بين النظام وتنظيم الـ "بي يي دي" ثانياً..

لقد كان النظام يشتري النفط والقمح من هذين التنظيمين بالليرة السورية، وبأسعار بخسة، لم تؤثر على اقتصاده، بل على العكس زادت من الطلب على الليرة.. لكن عندما توقفت هذه التجارة، أصبح مضطراً لشراء هاتين السلعتين من الأسواق الخارجية وبالدولار..
 
أما فيما يخص المصرف المركزي والذي يتهمه خميس بانتهاج سياسة تخفيض سعر الصرف قسرياً، فمن واقع متابعتنا لوضع الليرة السورية على مدى السنوات الثماني الماضية، نجد أنه لولا القرارات التي اتخذها المركزي لتخفيض سعر الصرف بـ "الحذاء"، لكان الدولار اليوم فوق الألف ليرة حكماً وربما أكثر من ذلك الرقم بكثير..
 
لكننا في هذا المجال لا بد أن نعترف للمصرف المركزي بأنه لعب دوراً فعالاً في المحافظة على سعر صرف الليرة السورية ومنع انهيارها إلى حدود قيمتها الورقية، وهو أمر كان متوقعاً أو أكيداً، مع خروج كامل محطات الإنتاج الحقيقي عن سيطرة النظام، ونقصد النفط والقمح والفوسفات.
 


ترك تعليق

التعليق