اقتصاديات.. انهيار الليرة


تفسير معقول أن يجنح النظام لتحميل أسباب انهيار سعر صرف الليرة السورية مقابل الدولار إلى ما فوق 610 ليرة، للعقوبات الأمريكية، لأنها في الآونة الأخيرة أصابت عصب اقتصاده عندما طالت أحد أبرز رجالاته، وهو سامر الفوز، وأهم شركاته، وهي "بي إس" التي اتضح أنها هي من كانت تورد المشتقات النفطية للنظام من إيران.

ما حدث لليرة السورية خلال الأسبوع الأخير، ليس بحاجة لمحللين كي يقولوا لنا، بأن النظام الآن مضطر لشراء النفط من الأسواق العالمية السوداء، مع دفع عمولات كبيرة، للحلقات الوسيطة، قد تتجاوز ضعف الأسعار العالمية، ما يعني حاجته للمزيد من العملات الصعبة، التي لم تعد متوفرة في خزائن المصرف المركزي.

كذلك، فإن النظام الآن في موقف لا يحسد عليه، مع اضطراره، لاستيراد القمح والسكر وغيرها من الحاجات الأساسية، من الأسواق العالمية، وبالدولار.. وهذا سوف يدفع الليرة السورية للمزيد من الانهيار.

ناهيك عن ذلك، فعندما تنام البلاد على سعر صرف وتصحو على سعر صرف آخر، هو بحد ذاته كارثة كبيرة، سوف تزيد من الضغوط على الليرة السورية، وتدفع التجار للكثير من الحذر في طرح بضائعهم في الأسواق، أو إنتاج بضائع جديدة.
 
لا أحد اليوم يستطيع أن يتوقع حدوداً لانهيار سعر صرف الليرة السورية في المرحلة القادمة، بسبب أن المصرف المركزي لا يفصح عما يفكر به، أو ما يملكه من إجراءات تسمح له بالتدخل، لكن أغلب الظن أن المركزي، لا يتخذ هذا الموقف الصامت والمتفرج، إلا من باب العجز وعدم القدرة على التصرف والتحكم.. وفي هذه الحالة، فإننا قد نكون أمام كارثة كبيرة سوف تتعرض لها الليرة السورية، وذلك كلما اقتربنا من فصل الشتاء، وما يعنيه ذلك من زيادة الحاجة للمشتقات النفطية المستوردة.

أخيراً، على ما يبدو أن  "قربة" النظام الاقتصادية، تزداد ثقوبها، يوماً بعد الآخر، بدليل هذا الاضطراب في سعر الصرف بين الصباح والمساء، وحتى بين ساعة وأخرى..
 
وإذا كان النظام على المستوى الرسمي، فاقد للقدرة على التصرف، فإنه بدون شك يعول على موقف التجار ورجال الأعمال.. فهم وحدهم اليوم من يملكون أجزاء من حبال طوق النجاة التي يحتاجها.. وهؤلاء وكما يبدو، ومن خلال موقف غرفة تجارة دمشق، التي رفضت بيع دولار التصدير للمصرف المركزي، وكأنهم اتخذوا قرارهم بالنجاة بأنفسهم وأموالهم..
 
لذلك أصبح الطريق مفتوحاً لليرة كي تمضي إلى حتفها، مع توقعات أن يصل سعر صرف الدولار حتى شهر أيلول القادم، لأكثر من 1000 ليرة سورية.. وأما حتى نهاية العام، فسوف يكون لنا أقوال أخرى..

ترك تعليق

التعليق