الشباب في درعا.. ماذا بعد انتهاء فترة "التسوية"؟


بدأت حالة من القلق والتوجس تسود أهالي محافظة درعا بشكل عام والشباب بشكل خاص؛ وذلك بالتزامن مع انتهاء فترة التسوية المقررة، في الرابع والعشرين من الشهر الحالي، وفقاً لبعض المصادر.

ويخشى عشرات الشباب ممن حصلوا على بطاقات التسوية في العام الماضي، أن يعود النظام إلى ممارساته المعهودة، بنصب المزيد من الحواجز والكمائن واعتقال المزيد من المطلوبين للخدمتين الإلزامية والاحتياطية، الأمر الذي دفع الكثير من الشباب إلى تعطيل أعمالهم، والبحث عن طرق آمنة جديدة لمغادرة أراضي المحافظة.
 
ويرفض شباب درعا ولاسيما أبناء المناطق الثائرة سابقاً، الالتحاق بالخدمة الإلزامية والاحتياطية في صفوف قوات النظام؛ خشية إرسالهم إلى مناطق القتال التي مازالت مشتعلة في بعض المحافظات الشمالية، حيث أشارت العديد من المصادر، إلى انشقاق أكثر من مئة عنصر من أبناء الجنوب السوري عن قوات النظام؛ هرباً من المواجهات العسكرية مع أبناء جلدتهم.

بعض المصادر المحلية أكدت أن أبناء درعا يتهربون من أداء الخدمة العسكرية في صفوف قوات النظام، لأنهم باتوا مقتنعين بأن النظام يبيت لهم نوايا سيئة، ويحاول زجهم في معارك خاسرة؛ بهدف التخلص من أكبر عدد منهم؛ وذلك لكبح جماح أي حراك ثوري متوقع في المحافظة، وضمان عدم خروج أهلها على النظام مرة أخرى.

وأضافت المصادر أن ازدياد الخسائر البشرية في صفوف أبناء درعا؛ جراء المعارك المشتعلة في ادلب وريفي حماة واللاذقية، وبعض المناطق الأخرى، ولد حالة من التململ والاحتقان في نفوس الأهالي، بدأت نتائجهما تظهر بردود أفعال عنيفة رافضة التواجد العسكري لقوات النظام وأجهزته الأمنية في جميع المناطق.

وأكدت تلك المصادر أن الاستهدافات المتكررة لحواجز النظام، وعناصره ومقراته، والاغتيالات التي تطال رجال المصالحة والمقربين من النظام، ما هي إلا نتائج حتمية للواقع الأمني المتردي، وتعبير عن حالة الاحتقان السائدة في المحافظة.

المصادر ذاتها، لم تستبعد أيضاً وقوف النظام خلف كل أعمال العنف التي تعيشها المحافظة، والتي يهدف النظام من خلالها، إلى خلط الأوراق والإبقاء على حالة التوتر والانفلات الأمني، لتبرير تدخلاته في حياة الناس بحجة ضبط الأمن وإعادة الاستقرار.

الواقع الأمني وممارسات النظام السيئة بحق الأهالي، فرضا نفسيهما بقوة على الواقع الاقتصادي، وانعكسا سلباً على دورة الحياة الطبيعية، التي شهدت بعض الاستقرار النسبي في وقت سابق، ليعودا من جديد ويعطلان الكثير من أوجه النشاط الاقتصادي، ويقيدا حركة الشباب في التنقل بين المناطق بحثاً عن أرزاقهم.

وفي هذا الصدد يقول "أحمد"، (30 عاماً): "هاجس سحبي إلى الخدمة الاحتياطية، يسيطر على كل تفاصيل حياتي"، لافتاً إلى أنه لا يتخيل نفسه مجنداً مرة أخرى في صفوف قوات الأسد، التي قتلت اثنين من إخوته وعدداً من أقاربه.

وأضاف أنه بالكاد استطاع تأمين فرصة عمل ثابتة، في إحدى ورشات النجارة ليعيل من مردودها أسرته، مشيراً إلى أن سحبه إلى الخدمة الاحتياطية، يعني فقدانه لمصدر رزقه، وبالتالي لقوت أسرته المكونة من زوجة وطفلين.

فيما أكد "عبد القادر"، (26 عاماً)، أنه ترك مدينة درعا حيث كان يعمل في أحد المتاجر براتب شهري يبلغ 60 ألف ليرة سورية، وعاد إلى قريته في إحدى قرى المحافظة؛ خوفاً من القبض عليه على حواجز النظام، وسحبه إلى الخدمة الإلزامية.

وأضاف أنه الآن يعمل في بعض الأعمال الزراعية الموسمية المتعبة؛ مضطراً، وذلك لتأمين بعض المال للإنفاق على أسرته، موضحاً أنه يعمل يوماً ويجلس عدة أيام في منزله؛ لعدم توفر فرص عمل بشكل يومي ومستمر.

فيما أكد "أبو سالم"، (35 عاماً)، أنه أوقف عمله التجاري ومصدر رزقه الوحيد في مجال بيع الخضار والفواكه، الذي كان يمارسه متنقلاً على سيارة صغيرة، بين القرى والبلدات، وذلك خشية إلقاء القبض عليه لتخلفه للمرة الثانية عن السوق إلى الخدمة الاحتياطية.

ويعاني أبناء درعا خلال خدمتهم العسكرية في صفوف قوات النظام، حسب ما أدلى به شهود عيان، فضلاً عن زجهم في خطوط القتال الأمامية وتعريضهم للموت الحتمي، ويعانون أيضاً من النظرة التخوينية التي تمارس ضدهم من قبل أبناء الطوائف الموالية، كما ويعانون من صعوبات اقتصادية كون المجندين بحاجة إلى توفر مبالغ مالية كبيرة طيلة وجودهم في الخدمة العسكرية لتأمين الإنفاق على الطعام والشراب، وأجور النقل؛ بسبب زج معظمهم في المناطق البعيدة والنائية.

ترك تعليق

التعليق