اقتصاديات.. عندما اتهم "عطري" فلاحي الرقة، بصرف ثمن محاصيلهم على ملذاتهم الشخصية


في العام 2004، واجه رئيس الوزراء الأسبق، محمد ناجي عطري، فلاحي محافظة الرقة، الذين كانوا يشتكون من أسعار المحاصيل الزراعية الحكومية البخسة، بالقول: "أنا ابن حلب، وأعلم أنه لولا أبناء الرقة لأغلقت جميع الكباريهات في المدينة".. يومها كانت وسائل الإعلام لاتزال تتنفس من نظريات بشار الأسد، حول نصف الكأس الملآن والنصف الفارغة، ومقولاته عن الشفافية، لذلك قامت الدنيا ولم تقعد على عطري، وتناولته الصحف الرسمية بلا رحمة، وتم إقفال الموضوع على أن رئيس الوزراء كان يمزح، ولم يكن يقصد إهانة أهالي الرقة..

لقد تبين بعدها أن رئيس الوزراء لم يكن يمزح، وإنما استخدم لغة غير دبلوماسية في توصيل الفكرة التي قالها له بشار الأسد، من أن الفلاحين يتقاضون مبالغ طائلة ثمن محاصيلهم الزراعية، وينفقونها على "ملذاتهم الشخصية"، وبالتالي يجب أن نبدأ برفع الدعم عن الفلاحين.. أما عطري فقد معروفاً عنه أنه "دفش" وكلامه "دج" يلقي به كالحجارة، لذلك ظل يصر في جلساته الخاصة على فكرته حول فلاحي الرقة، وهو وإن كان يمزح، فإن في المزح بعض الحقيقة.

الحقيقة تجلت باتخاذ النظام لقرار رفع الدعم التدريجي عن الفلاحين، وكان ذلك في العام 2007 ، وهو ما أدى إلى كوارث حقيقية على صعيد الإنتاج الزراعي في سوريا، التي اضطرت ولأول مرة منذ أكثر من عشرين عاماً، لاستيراد القمح.. وكان ذلك في العام 2008 على ما أذكر.

لمن يصدق أو لا يصدق، من هنا بدأت فكرة النظام برفع الدعم عن كل شيء، بأن هذا الشعب لا يستحق أن يرفه عن نفسه، ولا يحق له أن ينفق أمواله فيما يريد، بل يجب أن يسعى طوال الليل والنهار من أجل الحصول على لقمة عيشه.. أما عطري الذي جرى تأنبيه وتعنيفه بعد حادثة الرقة، فإنه بعد العام 2009، كان يمشي الخيلاء بين الجميع.. وكأنه يقول لهم: "ألم أقل لكم أنني لم أكن أمزح"..؟!

ترك تعليق

التعليق