طريق بطريق أو هدوء وتفاهمات؟.. سيناريوهات محتملة لإنهاء ملف إدلب


يحلو للبعض نعت الاتفاق الذي سيتوصل إليه أطراف مجموعة أستانة قريباً بأنه (سوتشي2). الانسحاب الأمريكي الذي بدا مفاجئاً وصادماً أدخل المنطقة في معركة محاصصة تخص التركة الأمريكية التي كانت تدعم أحد ألد أعداء الحكومة التركية وهي قوات سورية الديمقراطية. وعلى أعتاب التقاسم الجديد للمناطق تبدو الخريطة السورية لاسيما في الشمال مهددة بالتغيير في أي وقت.

لا حرب على إدلب

نتيجة لتعقد الملف في إدلب كما في سائر المناطق التي تقع غربي الفرات مثل منبج وتل رفعت، لا يمكن معرفة الخريطة النهائية للسيطرة في المنطقة لكن يمكن التكهن ببعض الخطوط العريضة.

تتناقض السيناريوهات المحتملة تبعاً لتشابك المصالح ووقوع هذه المنطقة تحت وطأة مراهنات مجموعة أستانة التي بات الجو خالياً أمامها للعب بكامل الحرية، يقودها بوتين الذي سيقوم بدور المايسترو في كل ما سيحصل منذ الآن.

يدلل القائلون بأنه لن تندلع حرب أخرى على إدلب، بأن الحرب بين النظام والمعارضة توقفت منذ الإعلان عن اللجنة الدستورية التي يشترط لنجاحها حدوث شيء من الارتياح بين جميع الأطراف. فحدوث معركة كبيرة سيزعزع أي نوع من الثقة التي يمكن أن تتشكل عند الاتفاق على دستور جديد وانتخابات جديدة.

ملف تحرير الشام الذي يعتبر الأعقد في المسألة يمكن حله عبر العديد من السيناريوهات التي تجنب المنطقة صراعاً محفوفاً بالمخاطر مثل حل الجماعة وضمها للجيش الوطني، أو تطبيق نموذج طالبان وضرب عناصر القاعدة المتجمعين في تشكيلات مناوئة مثل حراس الدين وأنصار الدين وغيرهم.

لا مقايضات وإنما تفاهمات

يتفهم البعض أن المنطقة مقبلة على محاصصة على غرار ما جرى في اتفاق يالطة 1945 عقب هزيمة ألمانيا النازية والذي أدى لاقتسامها بين الاتحاد السوفيتي والحلفاء وظهور ما يعرف بجدار برلين.

لكن هذه المحاصصة لا تعني حدوث مقايضات على الخريطة. بل ستبقى خريطة النفوذ كما هي في إدلب مقابل حل قضية تحرير الشام والطريق الدولي وبذلك ستحصل تركيا على بعض المدن المستهدفة في المنطقة الآمنة ربما تكون منبج أو عين العرب أو غيرها.

في هذا السيناريو يمكن للأتراك والروس إيجاد حل ما لقضية تحرير الشام والطرقات الدولية ويمكن أيضاً الوصول لتفاهم حول من سيدير إدلب بعد حل حكومة الإنقاذ التي تعتبر الواجهة المدنية للهيئة.

تسخين في إدلب

إمكانية التسخين وحدوث هجمات برية وجوية محتمل جداً في إدلب، إذ أن الواقع الاقتصادي والجيوسياسي يفرض نفسه بشدة، هنا.

القتال سيكون نتيجة تعرقل التوصل لتفاهمات أو في حال حصول مقايضات تتعلق بطريقين للتجارة الدولية أحدهما مار من إدلب ويصل بين دمشق وحلب والآخر يمر من منبج ويصل بين شرقي وغربي الفرات حيث يسعى الأتراك لإقامة منطقة آمنة بطول 444 كم من منبج إلى حدود العراق.

في حال عدم التوصل لتفاهمات بين بوتين وآردوغان حول هذين الطريقين سيلجأ الروس للعمل العسكري لقضم جزء جديد من المنطقة. عيونهم الآن متجهة نحو المعرة وسراقب وريف حلب حيث يمرّ من هذه المناطق، الطريق الدولي (m5) الذي يصل بين حلب ودمشق. منذ هجمات رمضان الفائت تعرض جزء كبير من هذه المنطقة التي ينص اتفاق سوتشي على اعتبارها جزءاً من المنطقة العازلة، لقصف ممنهج أدى لإخلائها من السكان.

في حال التوصل لصفقة بين الطرفين، ستتوغل روسيا في طريق دمشق-حلب بينما يحصل آردوغان على عين العرب وجزء من منبج، وستكون هناك إمكانية لاندلاع القتال مجدداً. هيئة تحرير الشام وباقي الفصائل الجهادية ستسعى لصد هجمات النظام وروسيا ما سيؤدي لاندلاع معارك كبيرة على غرار معركتي أبو الظهور وخان شيخون.

البازار الأكبر

كاستباق لما يمكن أن يحدث خلال الأشهر القادمة يتحدث البعض عن إمكانية أن يعقد كل من بوتين وآردوغان صفقة كبرى تبدأ بمنح كامل المنطقة التي يسيطر عليها الأتراك بما فيها درع الفرات وغصن الزيتون والمنطقة الآمنة لروسيا مقابل إنهاء تام للملف الكردي داخل وخارج تركيا. تنتهي الصفقة بتقارب أنقرة مع دمشق بوساطة روسية.

لكن ماذا عن المنطقة الآمنة التي قاتل الأتراك للحصول عليها؟ سيديرها النظام -بحسب ما يطرحه البعض- إذ لا يهم حينها من سيدير المنطقة طالما أن الخطة التركية قد تحققت عبر إحداث تغيير ديمغرافي هائل على الشريط الحدودي مع تركيا يتكون من كتلة بشرية كبيرة جداً، قوامها اللاجئون السوريون الذين يعيشون حالياً في تركيا وتسعى حكومة العدالة والتنمية للتخلص من أعبائهم، ليدخل آردوغان انتخابات 2023 حاملاً رزمة من النجاحات أهمها إنهاء الملف الكردي وقضية اللاجئين.

ترك تعليق

التعليق