تفاصيل عن ترخيص مكاتب الصرافة في إدلب


تبدو علامات الحزن واضحة على وجه "أبو أسامة" الذي يعمل صرّافاً في أحد مكاتب مدينة إدلب، بعد إصدار قرار من قبل "حكومة الإنقاذ" بترخيص رسمي لكافة محلات الصرافة والحوالات التي تقع في مناطق نفوذ "هيئة تحرير الشام".

ونص القرار على دفع مبالغ تأمين لكل من يريد الاستمرار بالعمل.

ويأتي قرار ترخيص مكاتب ومحال الصرافة والحوالات بعد قرار سابق يخص تنمير السيارات وتسجيلها لدى الحكومة لضبط كافة المخالفات وتسيير العمل بشكل مؤسساتي.

وفي تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد"، وصف "باسل عبد العزيز"، وزير الاقتصاد والموارد في "حكومة الإنقاذ"، هذه الخطوة -ترخيص مكاتب الصرافة والحوالات- بأنها تعد الأهم بعد دخول الليرة التركية إلى محافظة إدلب والبدء بتداولها بشكل رسمي في المناطق المحررة.

تفاصيل أكثر

ويضيف الوزير: "في المرحلة الماضية كانت الصفة المميزة لسوق الصرافة هي العشوائية وتقترب من توصيف السوق السوداء، ويوجد العديد من الحالات لصرافين قاموا بالاحتيال والنصب وسرقة أموال الناس وقصصهم معروفة في المناطق المحررة والتي كانت أيضاً بيئة خصبة للنظام المجرم حيث كان يسحب القطع الأجنبي عبر بعض الصرافين من ضعاف النفوس، وأيضاً كانت خلايا النظام المجرم وخلايا (داعش) يتم تمويلها عبر الحوالات المصرفية غير المضبوطة ناهيك عن استغلال الناس بسعر الصرف والتعامل الربوي".

وتابع الوزير: "فكان لزاماً علينا إدارة حركة النقد وضبطها في المناطق المحررة وتطبيق القوانين والقواعد الخاصة بالنظام المصرفي وأهم هذه القواعد، قواعد غسيل الأموال وقواعد (اعرف عميلك)".

ووفق هذه الرؤية لحكومة الإنقاذ، تم ترخيص شركات الصرافة والحوالات ضمن المناطق المحررة في ثلاث فئات:

الفئة الأولى: وتختص بأعمال الشحن والصرف والحوالات. رأس مال الشركة لا يقل عن ٢٠٠ ألف دولار، ويُودع كحد أدنى ٢٥ بالمئة من رأس مال الشركة كحساب جاري.

الفئة الثانية: وتختص بأعمال الحوالات والصرافة. رأس مال الشركة لا يقل عن ٥٠ ألف دولار، ويُودع كحد أدنى ٢٥ بالمئة من رأس مال الشركة كحساب جاري.

الفئة الثالثة: وتختص بأعمال الصرافة فقط، وبرأسمال لا يقل عن ١٠ آلاف دولار، ويُودع ٢٥ بالمئة من رأسمال الشركة، كحساب جاري، أو يتم اعتماد كفيل من الفئة الأولى أو كفيلان من الفئة الثانية.

وبالعودة إلى "أبو أسامة" الذي بدوره قال لنا: "نحن شخصان نعمل في مكتب للصرافة والحوالات ورب العمل خارج سوريا ونتقاضى راتباً شهرياً جراء عملنا لديه وعندما أبلغناه بقرار الحكومة بترخيص المحلات ودفع مبلغ تأمين يقدر بـ 12500 دولار أمريكي رفض دفع هذا المبلغ وقال لنا أنا أملك هذا المبلغ لكن إذا تم دفعه كمبلغ تأمين سيتوقف العمل لأن الرصيد الذي أملكه بسيط بالمقارنة مع صرافين لديهم أرصدة كبيرة ولا يتأثرون بهكذا مبالغ".

وتابع "أبو أسامة": "للأسف سنغلق المكتب ويتوقف عملنا بسبب هذا القرار".

وعن موضوع الكفيل والذي يسمح لصراف بكفالة صراف آخر على نفس المبلغ المودع، أكد "أبو أسامة": "اليوم لا أحد يكفل في هذه المهنة، ودائماً الكفيل هو من يكون تحت طائلة المسؤولية في حال أي تلاعب بالأسعار وعدا عن كل ذلك فكل صراف رخّص مكتبه يريد التفرد بالسوق بدون هذه الأعداد من مكاتب الصرافة".

وبالعودة إلى وزير الاقتصاد والموارد "باسل عبد العزيز"، فهو يؤكد أن هذه المبالغ التي تدفع بالدولار الأمريكي يتم بها تثبيت رصيد بالليرة التركية لكل شركة تساهم في عملية ضخ الليرة التركية ضمن المناطق المحررة وجلبها عن طريق الفعاليات التجارية.

ويضيف: "كذلك الأمر فإن فتح حساب لكل شركة يحدد حقيقة الملاءة المالية للشركات وتمييز الفئات منهم. وتم استبعاد عدد من الشركات التي كانت تعمل دون أي مهنية ودون التزام بقواعد الصرافة. وعند انتهاء مدة الضخ من العملة التركية يتم إعادة المبالغ أصولاً للشركات المودعة لدينا".

مدة الترخيص

هي ستة أشهر، بعدها هنالك تقييم لعمل جميع الشركات وتجديد التراخيص بناءً على عمل كل شركة.

ويحق لكل شركة من شركات الفئة الثانية سبعة فروع بحسب رأس مالها وتنتشر هذه الفروع ضمن المناطق المحررة.

وكذلك الأمر لشركات الفئة الثالثة التي لا تضع أي وديعة في حال تمت كفالتها من قبل أحد صرافي الفئة الأولى أو صرافان من الفئة الثانية، "فالهدف ضبط سوق الصرافة وأن تكون جميع الشركات معروفة لدينا وملتزمة بقواعد العمل المصرفي"، والكلام هنا للوزير.

بدوره، أكد أحد الصرافين المرخص لهم في مدينة إدلب أن هذا القرار يعد خطوة جيدة نحو تسيير الأمور باتجاه ضبط السوق، "فهنالك صرافون همهم فقط الربح والمال وعدم مراعاة قواعد المهنة التي تعد من أهم مفاصل الحياة في المناطق المحررة"، وفق وصفه.

وأضاف الصرّاف الذي طلب عدم الكشف عن اسمه: "من هؤلاء الكثير ممن يعمل بمبالغ بسيطة ويتلاعب بسعر الصرف مما يؤثر سلباً على المواطن بشكل كبير لأننا نعيش اليوم في بيئة تعتمد بشكل كبير على الحوالات الخارجية من أقارب السكان وذويهم في الخارج، لإعالتهم في هذه الظروف الصعبة".

"إبراهيم"، أحد سكان مدينة إدلب، قال لـ "اقتصاد" إن أغلب الصرافين "بغوا" كثيراً في أجور الحوالات وأسعار الصرافة، "فأنا واحد من العامة يأتيني مبلغ 100 دولار أمريكي شهرياً من قطر فتصل إلي 85 دولار بعد اقتطاع مبلغ 15% منها كأجور ويعد هذا المبلغ كأجور حوالة كبير جداً بالمقارنة مع المبلغ المحول إلي".

وتابع: "عدا عن كل ذلك عندما أقدم على صرف المبلغ وتحويله إلى الليرة التركية أو الليرة السورية فكل مكتب يعطيك سعر صرف مختلف وأغلبهم غير متطابق مع سعر الصرف الحقيقي لكلا العملتين".

وعن رأيه بقرار الترخيص وإقفال المحلات التي لا تلتزم بسعر الصرف المحدد لهم من قبل "حكومة الإنقاذ"، قال: "هو قرار جيد جداً بالنسبة إلي ويعد من أهم القرارت المتخذة حالياً".

واعتمدت حكومة "الإنقاذ" آلية لنشر أسعار صرف رسمية، عبر شاشة معلقة في بنك شام، التابع لها، في إدلب. ومن المفترض أن يتقيد الصرافون بأسعار الصرف المحددة وفق هذه الشاشة.

بدوره، ختم وزير الاقتصاد والموارد بالقول: "هذه المبالغ التي يتم إيداعها من الشركات (نسبة الـ 25% من رأسمال الشركة) هي ليست تأميناً، لكنها حساب جارٍ (وديعة في أول ستة أشهر) وللشركة كامل الحق في السحب أو الحوالات أو التصريف ضمن الحساب وفق الأنظمة المعمول بها".

وسيُسمح للشركات بالتصرف بحساباتها، كحسابٍ جارٍ، بعد انتهاء فترة التقييم (الستة أشهر الأولى)، المحددة، لاتخاذ قرار بخصوص استمرار تراخيص تلك الشركات.

ترك تعليق

التعليق