اقتصاديات.. حكومة الموت السريري


منذ ولادتها قبل نحو شهرين، تم وصف حكومة حسين عرنوس، بأنها حكومة "العشرة أشهر"، على اعتبار أن هناك انتخابات رئاسية في العام القادم، وهو ما يحتم تغيير الحكومة بعد الانتخابات، وفقاً لما يسمى بـ "الدستور".

غير أن وضع حكومة عرنوس ضمن هذا التوصيف، منذ البداية، جعلها أشبه ما تكون بحكومة تصريف أعمال، حيث رئيسها عديم الفاعلية، وغائب عن ساحة القرارات والنشاطات بشكل شبه كامل، ولا يظهر من عمله شيء، سوى ترؤسه لجلسة مجلس الوزراء صباح كل يوم اثنين من كل أسبوع، بعكس أسلافه ممن تولوا هذا المنصب، الذين كانوا ينشطون في الزيارات الميدانية والتصريحات الصحفية وتقديم الوعود بمستقبل أفضل، وبالذات زيارة المنطقة الساحلية، التي سجل عماد خميس رقماً قياسياً في زيارتها، وصل إلى أكثر من 15 زيارة في غضون أربع سنوات، بينما هناك محافظات لم تطأها قدماه على الإطلاق، طوال فترة توليه منصبه.

أما على صعيد الوزراء، فهم شبه مشلولين كذلك، وبالكاد تسمع أو تقرأ تصريحاً مفهوماً لأحدهم، وكأنهم موجودون في مناصبهم لزوم البريستيج فقط لا غير.

وفي موازاة ذلك، سوف نلاحظ نشاطاً على مستوى الإدارات والمؤسسات في المحافظات، أو هذا على الأقل ما يظهر من التغطية الإعلامية على وسائل إعلام النظام، وبما يوحي بأن هذه المحافظات تتمتع باستقلالية إدارية واقتصادية، ولا علاقة لها بالحكومة المركزية في دمشق.

يصف أحد الإعلاميين في إعلام النظام، حكومة عرنوس، بأنها تعبر عن حالة الموت السريري التي تعيشها البلد برمتها، حيث الأزمات تنهال مثل "المزاريب" على رؤوس المواطنين، بينما تقف الحكومة مكتوفة الأيدي، وعينها على ميناء طرطوس بانتظار شحنات القمح والنفط القادمة من الخارج، فهذه الشحنات هي التي تمنح الحكومة اليوم حق الوجود، وهي التي تجعلنا نسمع صوتها وتصريحات وزرائها، وفي حال توقف هذه الشحنات، تعود الحكومة للصمت والشلل التام.

أما المحللون الاقتصاديون، فيتوقعون انهياراً دراماتيكياً لليرة السورية مع مطلع العام القادم، بسبب الموازنة الورقية الهائلة التي تم إقرارها والبالغة 8 تريليون ليرة سورية، مقابل 4 تريليون لعام 2020، وهي الموازنة التي جعلت الليرة تفقد أكثر من ضعف قيمتها في غضون أشهر، بينما من المتوقع أن تفقد ذات النسبة في العام 2021، بسبب العجز الهائل المتوقع، والمقدر بنحو 40 بالمئة، والذي سيتم تمويله حكماً من المصرف المركزي، ما سيزيد من التضخم ويدفع العملة للمزيد من التراجع.

والمشكلة الأكبر التي تواجهها حكومة النظام، هي غياب الموارد أو عدم وضوحها، باستثناء الضرائب، التي تمول ما نسبته 15 بالمئة من الموازنة، بينما هناك تهرب ضريبي يعادل هذه النسبة، بعدما قدرته جريدة "البعث" التابعة للنظام، بأكثر من تريليون ليرة، إلا أن وزارة المالية ترفض الإفصاح عن أي رقم، وتكتفي بالحديث عن آلية جديدة لتحصيل الضرائب من المتهربين، بالاعتماد على قانون العقوبات الجنائي هذه المرة.

كل المؤشرات تدل على أن الدولة، ممثلة بالحكومة، سوف تدخل العام القادم "مكرسحة"، ولن يكون لديها من أعمال تقوم بها، سوى توقيع أوامر صرف رواتب الموظفين، ومراقبة توزيع شحنات النفط والقمح القادمة عبر الميناء.. وهناك عمل آخر مهم سوف تقوم به، وهو التوقيع على مذكرات التنازل عن مقدرات البلد الاقتصادية، لكل من الحليفين الروسي والإيراني.

ترك تعليق

التعليق