اقتصاديات.. الحكومة ترفع الأسعار، وبشار يمنح الأموال


ما حصل بين مساء الأمس وصباح اليوم (الثلاثاء)، من رفع الحكومة لسعر البنزين والغاز، وإصدار بشار الأسد لمنحة مالية للموظفين، يلخص نهج النظام السوري على مدى عقود، والذي يريد أن يوصل رسالة، بأن الحكومة هي من ترفع الأسعار على "المواطنين"، بينما الرئيس يعطيهم الأموال ويحاول تحسين أوضاعهم المعيشية.
 
على زمن حافظ الأسد، كانت الصورة معكوسة، إذ أنه كان يصدر مرسوماً بزيادة الرواتب ليلاً، وفي صباح اليوم التالي يفاجئ السوريون بقرار رفع أسعار المحروقات والخبز من قبل الحكومة.
 
إلى هذا الحد يعتقد بشار الأسد بأنه أحدث فارقاً شاسعاً عن سياسة والده.. فشتان بين من يفرح الناس في الليل ويسرق فرحتهم في صباح اليوم التالي، وبين من يكسر بخاطرهم ليلاً، ثم يواسيهم في اليوم التالي.
 
لقد حاول النظام السوري عبر تاريخه البعثي، أن يقنع الشعب السوري، دون أن يفلح بالطبع، بأن  ما تفعله الحكومة لا يتحمل مسؤوليته الرئيس.. وأكثر من ذلك، سعت وسائل الإعلام وأجهزة المخابرات، كثيراً، لإقامة حدود من الأسمنت، بين قرارات الحكومة ومراسيم الرئيس، لكنها عجزت عن إقناع الشعب باختلاف هذا عن ذاك، لأن الكل يعلم بأن جميع السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية والعسكرية، كلها متجمعة في يد الرئيس، وذلك وفقاً للدستور ذاته.

هذه المعضلة، حاولت أجهزة المخابرات التغلب عليها، من خلال بث إشاعة، بأنه لا يوجد في سوريا أشخاص قادرون على تنفيذ ما في عقل الرئيس من سياسات نادرة ورؤى نيّرة، لذلك هو مضطر للتعامل مع ما هو موجود على أرض الواقع.. فمن أين يأتي بالمسؤولين الكفوئين، إذا كانت البلد لا يوجد بها سوى هؤلاء "الأوباش"..؟ هذه العبارات كنا نسمعها كثيراً في الوسط الإعلامي، من زملائنا ورؤسائنا في العمل، عندما كانوا يضيقون ذرعاً بسياسات الرئيس، ولا يتجرأون على انتقاده.

باختصار، الصورة في سوريا مكشوفة ومفضوحة للجميع، وهي مغلفة بحاجز الخوف، وليس بالقدرات الفذة لأجهزة الإعلام والمخابرات على الإقناع.
 

ترك تعليق

التعليق