الزيادة المرتقبة على الرواتب.. النظام يدعو إلى عدم التفاؤل


تشير تصريحات وزير المالية في حكومة النظام، كنان ياغي، التي أعلن فيها أن الزيادة المرتقبة على الرواتب والأجور، لن تؤدي إلى التقليل من حدة التضخم، تشير إلى أن النظام وكأنه يدعو السوريين لعدم التفاؤل أو انتظار الأحسن، بعدما أصبح الكثيرون يعولون على هذه الزيادة، للتخفيف من الفجوة بين متوسط الدخل والأسعار، وخصوصاً بعد قرارات رفع الأسعار الأخيرة التي طالت حوامل الطاقة، والتي أدت بدورها إلى ارتفاع جميع أسعار السلع بنسب تراوحت بين 10 و15 بالمئة، وفقاً لتقديرات مصادر إعلام النظام.
  
وتأتي تصريحات وزير المالية كذلك، في أعقاب سبر آراء، قامت به وسائل إعلام مقربة من النظام، لعدد كبير من المحللين الاقتصاديين، والذين طالبوا بزيادة الرواتب بنسبة لا تقل عن 100 بالمئة، مشيرين إلى إمكانية تحقيق هذا الأمر ببساطة من الوفورات التي ستحققها الدولة، عبر زيادة أسعار المحروقات والكهرباء، والتي من المتوقع أن تصل إلى أكثر نصف تريليون ليرة في العام. هذا في حال حافظت أسعار النفط على أرقامها المرتفعة عند 80 دولاراً للبرميل، بينما إذا هبطت أكثر من ذلك، وهو ما يحصل الآن، فإن الوفورات سوف تصل إلى تريليون ليرة في العام.
 
وكانت أسعار النفط العالمية، هبطت إلى نحو 70 دولاراً للبرميل في الأسبوع الأخير، جراء ظهور المتحور الجديد عن كورونا "أوميكرون"، وسط توقعات تشير إلى إمكانية هبوطها بشكل أكبر إذا ما تواصل الحذر العالمي وإغلاق الحدود وإيقاف حركة الطيران، كما حصل في العام 2020، عندما هبطت أسعار النفط إلى ما دون 20 دولاراً للبرميل.
 
ويبلغ مبلغ الدعم الذي خصصه النظام للطاقة في موازنة العام القادم، 2,700 تريليون ليرة سورية، من أصل أكثر من 5 تريليون ليرة سورية، وهو محسوب على أساس سعر برميل نفط مرتفع، يبلغ أكثر من 80 دولاراً، كما كانت التوقعات تشير وقبل ظهور المتحور الجديد من كورونا.. وبناء عليه قام النظام برفع أسعار البنزين والكهرباء في الشهر الماضي، مع إيجاد سوق حرة للمازوت خارج البطاقة الذكية، وبالسعر العالمي، بهدف المحافظة على استقرار توريدات النفط من الأسواق الخارجية، بنفس مستوى العام الجاري، الذي وصل فيه مبلغ الدعم المخصص للمحروقات إلى 1,700 تريليون ليرة.

وعند النظر في تقلبات سعر صرف الليرة بالمقارنة مع نهاية العام الماضي وطوال العام الجاري، سوف نجد أنها محدودة، بالمقارنة مع نفس الفترة بين عامي 2019 و2020.

ففي نهاية العام 2019، وصل سعر صرف الليرة مقابل الدولار إلى نحو 1000 ليرة، وظل محافظاً على هذا المستوى حتى الشهر الرابع من العام 2020، ثم بعدها بدأت الليرة بالتراجع تدريجياً، حتى وصلت إلى 1600 ليرة مقابل الدولار في الشهر الخامس، لتنهار مع نهاية العام إلى أكثر من 2900 ليرة مقابل الدولار. 

أما في العام 2021، فهي لاتزال تراوح ما بين 3200 إلى 3500 ليرة مقابل الدولار، باستثناء فترة هبوط كبيرة، حصلت في الشهر الرابع الماضي، عندما لامست الليرة مبلغ 5 آلاف مقابل الدولار، لتعود إلى الاستقرار عند مستوياتها السابقة وحتى اليوم.
 
نفهم من الكلام السابق، أن مبلغ الدعم المخصص للمحروقات طوال العام الجاري، كان يبلغ نحو نصف مليار دولار، في الوقت الذي كان يبلغ فيه سعر برميل النفط، نحو 20 دولاراً، وكان ذلك في شهر شباط الماضي، ثم بدأت أسعار النفط بالارتفاع بدءاً من شهر تموز الماضي، لتصل إلى مستوى 80 دولاراً للبرميل، في شهر تشرين الأول الماضي، لتعاود الهبوط مجدداً، في شهر تشرين الثاني الماضي والشهر الجاري.
 
أما مبلغ الدعم المخصص للطاقة في موازنة العام القادم، فيساوي أكثر من 700 مليون دولار، وفي حال عادت أسعار النفط إلى مستوى الـ 20 دولاراً للبرميل، كما هو متوقع إذا استمر الاقتصاد العالمي بالتراجع، فهذا يعني تحقيق وفورات مالية كبيرة في العام القادم، مضافاً إليها عمليات رفع الأسعار التي قام بها النظام لحوامل الطاقة، في الشهر الماضي.. وهو ما يسمح له بزيادة الرواتب والأجور، بأكثر من 100 بالمئة، إذا ما أراد مساعدة مواطنيه.
 
غير أن النظام لا يفكر بهذه الطريقة على الإطلاق، وإنما يخطط لتحقيق المزيد من الوفورات المالية لخزينته، التي يتهددها شبح الإفلاس، نظراً للموازنة الكبيرة التي أقرها للعام القادم والبالغة أكثر من 13 تريليون ليرة سورية.
 
لهذا نرى أنه بدأ يتحدث عن رفع الدعم بشكل نهائي، عن نسبة لا تقل عن 25 بالمئة من الشعب السوري، مع إشارة خجولة إلى أنه ينوي توظيف الوفورات المحققة من هذه العملية، في دعم الفئة المستحقة، ولكن ليس عبر زيادة الرواتب، وإنما يتحدث عن طريقة غير مفهومة، يشير إلى أنه يتم دراستها في مجلس الوزراء.

بكل الأحوال، الاقتصاد السوري، لا يمكن إخضاعه للمقاييس العلمية المتعارف عليها، لأنه اقتصاد خائف، يقوده أشخاص جبناء، لديهم تعليمات على ما يبدو، بأن يكون همهم الوحيد هو الحفاظ على كرسي الحكم لرأس النظام، بعد أن أمضى السنوات العشر السابقة، في الحفاظ على النظام في وجه الثورة الشعبية التي اجتاحت سوريا في العام 2011.

ترك تعليق

التعليق