سوريا.. من تصدير القمح إلى استيراد البصل


يلخص قرار فتح باب استيراد البصل بعد أن وصل سعر الكيلو إلى أكثر من 15 ألف ليرة، حالة فشل وتخبط الدولة السورية، التي أصبحت غير قادرة على التخطيط لأي شيء، حتى على مستوى تأمين حاجة البلاد من البصل.

هذه الحالة برأينا يجب أن تفتح نقاشاً عاصفاً داخل حكومة النظام والأجهزة العليا في الدولة.. فكيف لبلد زراعي بامتياز، كان ينتج قمحاً في الموسم، يكفي لأربع سنوات، أن يتحول إلى بلد مستورد للبصل..؟!

وعدا عن ذلك، فإن من يقرأ تفاصيل قصة سبب ارتفاع أسعار البصل في السوق السورية، يدرك بأن الدولة بات يقودها مجموعة من اللصوص والانتهازيين، الذين لا يعنيهم سوى تحقيق الربح على حساب قوت الشعب، حيث أكدت العديد من المصادر المطلعة داخل النظام، أن وزارة الاقتصاد سمحت في وقت سابق بتصدير البصل إلى الأسواق الخارجية، بسعر أقل من نصف دولار للكيلو، وهو ما أدى إلى ارتفاع سعره في السوق المحلية إلى ما يعادل أكثر من 2 دولار للكيلو، ثم قامت الوزارة ذاتها بفتح باب استيراد البصل، ليكون الرابح الأكبر في كلا العمليتين، التصدير والاستيراد، هم التجار.. وكما هو معروف في سوريا، فإنه لا يمكن الفصل أو التمييز بين التاجر ورجل المخابرات أو رجال القصر الجمهوري..

ويشير متابعون إلى نقطة خطيرة لم يلتفت إليها أحد، وهو أن الفترة الزمنية بين فتح باب استيراد البصل، وبين قرار وزارة التجارة الداخلية بتحديد سعر كيلو البصل بـ 6 آلاف ليرة للمستهلك، لا تتعدى اليومين، وهي فترة غير كافية لإجراء أي عملية استيراد، ما يعني على الأغلب، حسب قولهم، أن هناك جهات كانت تحتكر البصل وتخبئه عندما كان سعره 1000 ليرة للكيلو، ثم قامت ببيع كميات كبيرة منه بسعر وسطي 15 ألف ليرة سورية، ثم ها هي الآن سوف تبيع البصل بالجملة بسعر 5500 ليرة.. ولكم أن تتخيلوا الأرباح التي ستجنيها هذه الجهات من بيع البصل فقط، وليس الذهب أو النفط..!

هذا يعطينا مؤشر على حالة جديدة، وهو أن النظام قادر على تحويل أي سعلة، مهمة كانت رخيصة أو تافهة بنظر البعض، إلى عملة نادرة يجني منها ثروة طائلة.. وقصة البصل على الأغلب، هي رسالة للشعب السوري الذي ينتظر انهيار النظام وزواله جراء فقدانه لجميع موارده الاقتصادية التي كان يتغذى منها، كالنفط والقمح والغاز والفوسفات والموانئ.. كأنه يقول لهم: لا تفكروا بهذا الأمر بعد اليوم، حتى لا أضطر لبيعكم الهواء الذي تتنفسونه في المرحلة القادمة..

ترك تعليق

التعليق