ثلاث سنوات لـ حكومة عرنوس.. إلى أين نحن ذاهبون؟


ثلاث سنوات تقريباً مرت على رئاسة حسين عرنوس لحكومة النظام السوري، شهد خلالها الاقتصاد تراجعاً مخيفاً، يمكن قراءة مؤشراته بضربة واحدة من خلال سعر صرف الليرة السورية، التي كانت تراوح مقابل الدولار بين 2500 - 3000، ثم ها هي اليوم ينخفض سعر صرفها إلى أكثر من 8 آلاف ليرة للدولار الواحد.

ولم تكن الليرة هي المؤشر الوحيد على سوء المرحلة التي لا يزال يتولاها حسين عرنوس منذ منتصف حزيران العام 2020، بل الطامة الكبرى كانت بالتوسع في استخدام ما يسمى بـ"البطاقة الذكية"، التي وصلت إلى كل حاجات المواطن السوري الأساسية، من خبز ومازوت وغاز وغذاء، وحولته إلى كائن يجب أن يعيش على المقنن الضئيل الذي تقدمه له الحكومة، ويقبل به ويتوقف عن التذمر، لأنه ليس بالإمكان أكثر مما كان.

ومسلسل الانهيار والتراجع الذي تقوده حكومة عرنوس منذ نحو ثلاث سنوات، لم يتوقف عند هذا الحد، بل يمكن القول إن قصة ارتفاع الأسعار لوحدها بحاجة لبحث طويل، نظراً لغزارة الأرقام وتبدلها بشكل يومي، لكن في العموم الكل يجمع على أن الأسعار تضاعفت ثلاث مرات على الأقل، فيما لم يشهد الدخل سوى زيادة واحدة في نهاية العام 2021، بنسبة 30 بالمئة، والتي أصدرها بشار الأسد في أعقاب إعادة انتخابه في ذاك العام، ليصل الحد الأدنى لرواتب الموظفين نحو 92 ألف ليرة سورية في الشهر، أي أقل من 12 دولاراً فقط.

وعلى ما يبدو أن ما هو منوط بحكومة عرنوس أن تنجزه، أخطر مما سبق بكثير.. وهنا قد يتساءل البعض: ما هو الأسوأ من كل ما سبق..؟

لا نبالغ إذا قلنا إن الأسوأ هذه المرة أصبح على الأبواب، وهو قادم مع زيارة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إلى دمشق يوم الأربعاء القادم..

كل المؤشرات تدل على أن إيران هذه المرة جادة في إجبار النظام على تقديم تنازلات حقيقية، أو الالتزام بالتنازلات التي كان قد وعد بها خلال السنوات الماضية، وتهرب من تنفيذها.. ويبدو ذلك جلياً من تعيين سفير إيراني جديد في دمشق مطلع الشهر الجاري، أطلق عليه اسم سفير فوق العادة، ومن ثم إرسال وزير الطرق وبناء المدن الإيراني الأسبوع الماضي، لترؤس اجتماعات اللجنة الاقتصادية المشتركة بين البلدين، والتي انبثق عنها تشكيل لجان من أجل توقيع اتفاقيات، تعني في مجملها إحكام إيران قبضتها على ما تبقى من الاقتصاد السوري، وبالذات القطاعات الحيوية، كالطاقة والكهرباء والصناعة والبنوك والعقارات وقطاع التكنولوجيا والقطاع السياحي.. وعلى ما يبدو أن هناك اتفاقيات أخرى لم يتم الإعلان عنها، وعلى مبدأ "ما خفي أعظم".

فعلى سبيل المثال، تقول مصادر مطلعة، إن إيران أرسلت توبيخاً حاداً للنظام السوري في أعقاب إعلانه عن إطلاق مشغل ثالث للخليوي في سوريا والذي يحمل اسم "وفا تيليكوم"، والذي تعود ملكيته بحسب العديد من المصادر إلى زوجة رئيس النظام السوري، أسماء الأسد، إذ كان من المقرر أن يعمل هذا المشغل في مطلع العام الجاري، ثم تم تأجيل إطلاقه بعد اعتراض إيران التي كانت قد حصلت على وعد من النظام في العام 2017 بأن تكون هي صاحبة هذا المشغل.

كما تسعى إيران إلى إجبار النظام على تفعيل قانون التشاركية وتعديل بعض شروطه، الذي أطلقته حكومة وائل الحلقي في العام 2016، بهدف إشراك الشركات الإيرانية في ملكية شركات القطاع العام الحكومي الاقتصادية، حيث تقول المصادر إن إيران عينها بالكامل على قطاع الكهرباء، لكنها تطلب أن يكون لها دور أكبر مما هو محدد في قانون التشاركية الحالي، والذي يمنع على الشركاء ممارسة أي دور سيادي.

في العموم، يمكن القول إنه تم الإتيان بحكومة عرنوس لكي تمهد لهذه المرحلة التي لا بد أن تأتي.. فهذا حال الأنظمة التي تستعين بالغرباء على شعبها.. لقد نجحت حكومة عرنوس حتى الآن في قتل روح المواطنة والانتماء والاحتجاج لدى الإنسان السوري الذي يعيش في كنف النظام، وكل ذلك من أجل أن يمر ما هو أخطر، مرور الكرام.

ترك تعليق

التعليق