على غرار ما فعل حافظ الأسد في لبنان.. إيران تفعل في سوريا


الكثير من السوريين، لا بد يتذكرون معاهدة "الأخوة والتعاون والتنسيق"، التي تم توقيعها بين سوريا ولبنان منتصف العام 1991، والتي بموجبها وضع حافظ الأسد يده على جميع مفاصل الحياة السياسية والاقتصادية والأمنية في لبنان، مستفيداً من ضعف النظام العربي آنذاك، الذي كان خارجاً للتو من حرب الخليج الثانية في أعقاب احتلال العراق للكويت.

لقد استمرت المعاهدة 14 عاماً، من 22 أيار 1991 وحتى العام 2005، حيث توقف العمل بها تماماً بعد اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري، غير أن النظام السوري أجبر خلالها لبنان على توقيع 40 اتفاقاً في مجالات الأمن والدفاع والزراعة والصناعة وتشجيع الاستثمارات والاتصالات والتعليم العالي والمهني والتقني والبحث العلمي والتعاون الثقافي والاجتماعي والرياضي وتقاسم المياه وتنظيم الملاحة البحرية التجارية ونقل الغاز الجاف وبيعه وإنشاء مكاتب حدودية مشتركة وربط كهربائي وخدمات جوية والبريد الجوي العاجل وتبادل المنتجات الطبية والدوائية وتطوير الاتفاق القضائي الموقع بين البلدين عام 1951 وتنمية علاقات التعاون وتطويرها في مجال العمل والقوى العاملة، وصولاً إلى آخر اتفاق وقع في بيروت وقضى بتأسيس الشركة اللبنانيّة ــــ السوريّة لصناعة التبغ والتي لم تبصر النور أسوة ببقيّة المشاريع الاقتصاديّة والتنمويّة المشتركة. 

بالإضافة إلى هذه الاتفاقات كان هنالك أيضاً عشرات البروتوكولات والمذكرات والبرامج والعقود وصلت إلى نحو 90 عقداً ومذكرة وبرنامجاً، عدا الندوات والمؤتمرات.

ما فعله نظام حافظ الأسد في لبنان عبر هذه المعاهدة، تفعله اليوم إيران حرفياً مع نظام بشار الأسد، حيث تم تسمية المعاهدات التي تم توقيعها بين البلدين إبان زيارة الرئيس الإيراني إلى دمشق، بـ "خطة التعاون الشامل" ، ومن خلالها تخطط إيران لوضع يدها على جميع مفاصل الحياة الاقتصادية في سوريا، بالإضافة إلى سيطرتها على الحياة السياسية والعسكرية والأمنية في البلد.

من يقرأ عناوين هذه المعاهدات، سوف يجد أنها تمتد لكل مفاصل الإنتاج الزراعي والصناعي والتجاري والسياحي، بالإضافة إلى قطاع الكهرباء والاتصالات والنقل والإعمار والنفط والبنوك، وتقريباً كل ما له علاقة بالإنتاج في سوريا، وبما يضمن لها السيطرة الكاملة على البلد، ما تحت الأرض وما فوقها.

هناك فارق وحيد، أن الظروف السياسية في لبنان، لم تسمح لحافظ الأسد بتطبيق كامل بنود معاهدة الأخوة والتعاون والتنسيق، واقتصر التنفيذ على الجانب السياسي والأمني فقط، بينما في الحالة السورية، فإن إيران تمتلك كل المقومات التي تجعلها قادرة على إجبار النظام السوري على تنفيذ كل ما ورد في هذه المعاهدات، وذلك انطلاقاً من فهمها العميق لهذا النظام وتركيبته في الوقت الحالي، والذي أصبح وحيداً ومعزولاً ولا يريده أحد، بعكس لبنان الذي كان ساحة صراع ونزاع بين العديد من الدول ذات المصلحة.

سوريا على الأغلب، بعد "خطة التعاون الشامل"، لن تكون كما قبلها.. لقد جاءت إيران وأجلست النظام في حضنها تماماً، ولم تترك للعرب سوى شحنات الكبتاغون، الذين عليهم من الآن وصاعداً أن يفاوضوا على إيقافها فقط، وليس على استعادة سوريا من الحضن الإيراني.

ترك تعليق

التعليق