وزراء السوشال ميديا

 

يكاد وزير المالية محمد يسر برنية أن يكون الأكثر نشاطاً على وسائل التواصل الاجتماعي من بين كل وزراء الحكومة السورية الجديدة، ولا ينافسه في هذا المجال سوى حاكم المصرف المركزي، عبد القادر حصرية، وبصورة أقل وزير الاقتصاد الدكتور نضال الشعار. فهم ينقلون كل شاردة وواردة تحصل معهم، حتى لو كان على مستوى لقاء عادي مع أحد المسؤولين المحليين أو العرب والأجانب، فإنهم سرعان ما يحولونه إلى صورة بانورامية، وبما يجعل المتابع يشعر بأنهم يعملون ليل نهار في خدمة الشعب السوري.

على أرض الواقع، الكثير من السوريين يؤكدون بأن التغييرات طفيفة وتكاد لا تذكر مقارنة بالوعود التي تم تقديمها على مدى الأشهر السبعة الماضية من عمر الحكومة، بل إن البعض يشير إلى أن الأوضاع المعيشية عادت إلى سابق عهدها أيام النظام البائد، من حيث الغلاء الفاحش، على الرغم من زيادة الرواتب 200 بالمئة.

يقول المسؤولون الاقتصاديون في الحكومة، إنهم لا زالوا يؤسسون البنى المتينة التي سيتم عليها البناء بشكل صحيح، وبالتالي فإن المواطن لن يشعر بالتحسن المنشود قبل أن ينطلق البناء، الذي يحتاج إلى عدة سنوات، قدّرها وزير المالية بخمس سنوات، كي تصبح سوريا مثل ماليزيا، بينما أظهر وزير الاقتصاد وحاكم المصرف المركزي تحفظاً واضحاً تجاه تحديد جدول زمني لاستعادة سوريا لعافيتها من جديد.

تفاؤل وزير المالية الذي عبّر عنه في أكثر من تصريح، يبدو مريباً بالنسبة للكثير من المراقبين الاقتصاديين، المحليين والدوليين، فهو على الأقل لم يقدم المؤشرات الحقيقية التي بنى عليها تفاؤله، سوى ما يتعلق بإصلاح النظام الضريبي، وهذا لوحده لا يكفي لكي يبني اقتصاداً مدمراً ومنهكاً، مثل الاقتصاد السوري، سيما وأن الضرائب مهما بلغت عدالتها، فهي لن تحقق أكثر من 10 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي في وضع مثل سوريا.

على جانب آخر، يبدو وزير الاقتصاد أكثر هدوءاً وأقل اندفاعاً في التعبير عن رؤيته لمستقبل الاقتصاد السوري، فهو يدير وزارتين في آن واحد، الاقتصاد والصناعة، أي التجار الخارجية والإنتاج المحلي، والكل يعلم أن هاتين الوزارتين هما المعول عليهما في نهضة الاقتصاد السوري من جديد، من خلال دعم الصناعة المحلية وزيادة مستوى التصدير وتقنين الاستيراد، فهما قادرتان، أي الاقتصاد والصناعة، على المساهمة بأكثر من 30 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي في حال صلح حالهما، وسارت الأمور على ما يرام.

يبقى حاكم المصرف المركزي الذي يجاهد شرقاً وغرباً من أجل تنفيذ رفع العقوبات عن القطاع المالي، فهو يعلم أن عمله مركزي في هذا المجال، وبدون ذلك، لن يستطيع وزيرا المالية والاقتصاد أن يحققا خططهما في إعادة هيكلة الاقتصاد السوري ونهضته.

السؤال: ما علاقة الكلام السابق بما ينشره هؤلاء الوزراء عن جميع أنشطتهم على مواقع التواصل الاجتماعي..؟

باختصار، الحضور الكثيف ما لم يكن مترافقاً مع تطورات ملموسة على أرض الواقع، يتحول بعد فترة إلى حالة مملة، وسرعان ما تفقد معناها.. الناس لا يهمها صور اللقاءات والاجتماعات، ولكن ما ينتج عن هذه النشاطات..

احذروا كي لا يقال عنكم: "كثير النط وقليل الصيد"..!

ترك تعليق

التعليق