كيف انشغل السوريون بمعلمات "الروسية "عن أخطر عقد نفطي بتاريخ البلاد؟!

أخذ قرار وزارة التربية في حكومة النظام السوري إدراج اللغة الروسية -على ماله من مدلولات وخطورة- في المناهج التعليمية اعتباراً من العام المقبل إلى جانب اللغة الإنكليزية، ليتم الاختيار بين الروسية والفرنسية كلغة ثانية، أخذ هذا القرار السوريين عن عقد شركة "سويوز نفط غاز" الروسية مع وزارة النفط والثورة المعدنية السورية للتنقيب عن النفط والغاز في "المياه الإقليمية" الجرف القاري لسوريا." ليتم الحفر التمهيدي في الجرف القاري بالمياه الإقليمية السورية في مساحة تبلغ 2190 كيلومترا" ولمدة 25 عاماً.

إذ لا يمكن المقارنة بين "تعليم الروسية" للطلاب السوريين، وبين عقد يرهن ثروتهم ومقدراتهم لأكثر من عقدين من الزمن، في منطقة تعد الأغنى في سوريا لجهة النفط والغاز...رغم أن الأمرين لا يخرجان عن كونهما رشى تقدم "لحليف الدم" رداً على دعمه لنظام الأسد، بالمال والسلاح والمحافل الدولية، التي كان آخرها إعاقة صدور قرار أممي يدين قتل المدنيين عبر القصف بالبراميل المتفجرة في مدينة حلب.

فماذا تحوي هذه المنطقة من ثروات نفطية ولماذا أعطيت للروس وفي هذه المرحلة بالتحديد؟!.
لعل أكثر التصريحات تفاؤلاً –نقلها عماد فوزي الشعيبي مدير مركز الدراسات الإستراتيجية – تقول إن 4 حقول نفطية تمتد من الحدود اللبنانية حتى ميناء بانياس يمكن أن تضمن مستوى استخراج يمكن مقارنته مع مؤشرات الكويت، وبحسب تنبؤاته فإن استخراج النفط في سوريا يمكن أن يبلغ مع مرور الوقت 6 –7 ملايين برميل يوميا، ولم يستبعد الشعيبي أن تشغل سوريا مستقبلا المرتبة الرابعة في العالم من حيث احتياطيات النفط.

في حين المتداول لدى أهل الكار والتخصص في سوريا، أن احتياطييها من النفط يقدر بنحو 2.5 مليار برميل بمعدل إنتاج يبلغ 377 ألف برميل يومياً.. وأن إنتاج النفط يشكل نحو 24 في المئة من الناتج الإجمالي لسورية و25 في المئة من عائدات الموازنة و40 في المئة من عائدات التصدير. وأن إنتاج سوريا النفطي تراجع من 600 ألف برميل يومياً في العام 1996 إلى 400 ألف برميل في العام 2006 و387 ألفاً قبيل الثورة...قبل أن يصل للحدود الصفرية الآن بحسب تصريح النائب الاقتصادي قدري جميل.

أما لجهة الاحتياطي الكموني من النفط والغاز في البر السوري يبلغ حوالي 30.5 مليار برميل نفط و 2180 مليار متر مكعب من الغاز اي باجمالي قدره 44.25 مليار برميل نفط مكافىء. وبلغ الاحتياطي الجيولوجي المكتشف، طبعاً قبل أن يقدم الأسد سوريا أرضا وما تحت الأرض، لحلفاء الدم وقمع الحريات، حوالي 24.3 مليار برميل من النفط و 703 مليارات متر مكعب من الغاز بنسبة زيادة عن عام 1990 تقدر بـ 52 بالمئة في مجال النفط و 88 بالمئة في مجال الغاز.

 وبلغ الإنتاج الاحتياطي المؤكد القابل للإنتاج حوالي 6.85 مليارات برميل من النفط بمردود استخراج قدره 28.2 بالمئة أنتج منها حتى تاريخه 4.6 مليارات برميل من النفط و 405 مليارات متر مكعب من الغاز أنتج منها 121 مليار متر مكعب. ليكون الاحتياطي المتبقي للإنتاج الذي يمكن اللعب عليه بمثابة رشى بنحو بـ 2.25 مليار برميل نفط و284 مليار متر مكعب من الغاز.

خلاصة القول: قدم نظام الأسد صفقة شهية للروس كدليل حسن نية على التزامه بدفع ما يلزم ثمناً لبقائه على كرسي الحكم وإبعاده عن المحاكم الدولية كمجرم حرب، ولم تتقدم المعارضة بأي احتجاج رداً على رهن ثروات ومصير السوريين..ربما لأن الوقت قبل "جنيف2" لا يسمح بتشتيت الاهتمام حول مسائل قد تكون في نظر المعارضة صغيرة ولا تستأهل تضييع الفرصة التاريخية في الجلوس إلى مائدة الكبار برفقة النظام والتصوير والقاء الكلمات.

وقد لا يكون عقد"سيوز نفط غاز" متعددة الجنسية ويرأسها وزير سابق محسوب على بوتين، آخر المكافآت "لروسيا الشقيقة"بحسب وصف وزير الإعلام عمران الزعبي أخيراً، لأن ما قاله وزير النفط السوري سليمان عباس خلال التوقيع "ستشجع الاتفاقية شركات الدول الصديقة، وخاصة الروسية منها، للقدوم إلى سوريا والقيام باستثمارات ومشاريع في التنقيب عن النفط والغاز في البر...والبحر" إنما يدلل على مسائل عدة، إن بدأت عند مزيد من الرشى لموسكو...قد لا تنتهي عند التلميح لبقاء النظام..

ترك تعليق

التعليق