هل يذوي تنظيم "داعش" تمويلياً؟

يتعرّض تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام – داعش" اليوم لعملية قرضٍ سريعةٍ لمكانته في وعي وعقول كل مناصري الخط الجهادي في المشرق العربي، بفعل ما يُكتشف يومياً من تجاوزات وجرائم، بات من شبه المؤكد، أن أفراداً في التنظيم ارتكبوها شمال سوريا.

وفي خضم الصراع الدامي الدائر اليوم بين فصائل من المعارضة السورية، جُلّها من الخط الجهادي، وبين "داعش"، تتناقص بسرعة حصانة الأخيرة كتنظيم جهادي إسلامي، خاصةً بعد انضمام عددٍ من أبرز منظري "السلفية الجهادية"، وفي مقدمتهم أبو محمد المقدسي، إلى قائمة منتقدي "داعش".

ورغم أن الحصيلة الأخيرة لحالة الاقتتال بين التنظيم وبين خصومه في الشمال السوري لم تتضح بعد، ومن المبكر الجزم بأن نجم تنظيم الدولة على الساحة السورية في أفول، إلا أن خلاصة الخضّة الميدانية والشرعية التي تعرض لها التنظيم في الأسابيع الأخيرة، ستنعكس دون شك على مواردها التمويلية، إلا في حالةٍ واحدةٍ، أن يكون، فعلاً، يحظى بتمويلٍ إيراني –أسدي، وهو احتمالٌ قائمٌ بقوة، ويلقى ترجيحاً من جانب الكثير من المراقبين.

وفي حال استثنينا سيناريو التمويل الإيراني –الأسدي قليلاً، فإن ما يبقى من مصادر رئيسية للتمويل، هي جانبان: التمويل الخليجي غير الرسمي، والتمويل الذاتي.

أما الأول: التمويل الخليجي غير الرسمي، الآتي من متعاطفين مع فكر "السلفية الجهادية" من قيادات قبلية وأثرياء خليجيين، فمن المرجح أنه سيذوي تدريجياً، قبل أن يأفل نجمه تماماً، لينقلب لصالح تنظيمات أخرى، أبرزها "جبهة النُصرة"، و"الجبهة الإسلامية".

في حين أن الثاني: التمويل الذاتي، فهو سيتراجع بقوة لسببين: أولاً- تناقص أعداد المنتسبين للتنظيم ممن يلتحقون بـ"الجهاد" بأموالهم وأنفسهم، نظراً للإدانات التي يتلقاها التنظيم من مراجع دينية كبيرة، ناهيك عن الحملة الإعلامية المكثفة ضده عربياً، وما كُشف من تجاوزات وجرائم تُدينه على صعيد الفكر الجهادي، مما يجعل الراغبين بالجهاد ينأون بأنفسهم عنه، ويتجهون إلى تنظيمات أخرى. ثانياً- خسارة تنظيم الدولة للعديد من المناطق، وتراجع مكامن نفوذه في العراق بعد تحرك العشائر في الأنبار ضده، مما يجعله يخسر سيطرته على جزءٍ من مسارات التهريب والتمويل.

إذاً، فتنظيم داعش قد يكون في طريقه لأن يذوي مالياً، بعد انحسار مصادر تمويله التي يحتاجها لشراء الذخائر والأسلحة اللازمة، ناهيك عن تقديم خدمات ومساعدات لسكان المناطق التي يسيطر عليها، لشراء ولائهم أو سكوتهم عن نفوذه في مناطقهم، وهي الوسيلة التي استخدمها التنظيم في بدايات انتشاره في بعض المناطق السورية.

لكن في حال كان التنظيم يحظى بتمويلٍ إيراني –أسدي، فإن المعادلة ستختلف نسبياً، وإن كانت لن تختلف جذرياً، ذلك أن المؤشرات الأولية تُوحي بأن الدور المطلوب من التنظيم، في حال كان يؤدي دوراً لصالح نظام الأسد، قد انتهى، وربما يصبح عبئاً على مموليه حتى من الجانب الإيراني –الأسدي.

لننتظر الأسابيع القليلة القادمة ونرَ، هل سيتمكن تنظيم "الدولة" من الوقوف على قدميه من جديد بعد الضربات القاسية التي تلقاها في العراق وسوريا، ميدانياً، وشرعياً.

ترك تعليق

التعليق