كيف سيكون مستقبل "اقتصاد سوريا" لو "انتصر الأسد؟

يستبعد معظم المراقبين سيناريو "انتصار الأسد"، بمعنى حسم المشهد العسكري بصورة نهائية لصالحه. وفي أسوأ الأحوال، يتوقع هؤلاء أن يستمر استنزاف كل الأطراف في سوريا، بما فيهم نظام الأسد وحلفاؤه.

لكن مؤيدي الأسد، وحلفاءه، يتحدثون في العلن، على الأقل، عن إحساسٍ غامرٍ باقتراب بشائر "الانتصار". ويفسر بعض المراقبين ذلك بأنه تعبير عن نيّة من جانب نظام الأسد، بالاحتفاظ بالأجزاء الحيوية من سوريا، في نظرهم، والتي تتضمن الساحل، ومعظم وسط سوريا، والعاصمة وريفها، وإن أمكن، حوران وجبل العرب. والتخلي عن الشمال والشمال الشرقي، على أمل أن تغرق تلك المحافظات في صراع "أمراء الحرب".

وفي الحالة الأخيرة، وهي ما يدعوها مراقبون، نظرية "سوريا المُفيدة"، يراهن نظام الأسد على القيام بحركة إعادة إعمار ضخمة للمناطق الخاضعة لسيطرته. خاصة منها تلك الأكثر حيوية بالنسبة له، وتحديداً، العاصمة وريفها، ووسط سوريا، وفي القلب منها، مدينة حمص.

ويروّج نظام الأسد منذ أكثر من عام لقضية "إعادة الإعمار"، بغية إغراء الحلفاء والخصوم، في الداخل والخارج، للمشاركة في "الكعكة"، في مناطق هيمن الدمار على معظم أبنيتها وبناها التحتية، مما يخبئ مكاسب ضخمة لمن ينال عقود إعمارها.

وقد تصاعدت بروباغندا النظام في هذا المجال، وتركت أثراً ملحوظاً في أوساط بعض رجال الأعمال السوريين في الفترة الأخيرة، فـ "كوّع" بعضهم إلى "حضن الأسد"، مرة أخرى، بصورة مباشرة، أو غير مباشرة، واستقبلهم النظام بصدر رحب، مع شيء من "العتب الناعم".

وهنا يُطرح التساؤل التالي: في حال تمكن نظام الأسد من تحقيق تلك النظرية، "سوريا المُفيدة"، هل يستطيع القيام بحملة "إعادة إعمار" ضخمة لها، كما يعِدُ اليوم؟

تختلف الإجابات في هذا السياق، قد يكون من أبرزها تعليق للخبير الاقتصادي السوري، سمير سعيفان، نشره في بوست خاص له على صفحته في "فيسبوك" منذ أيام، يقول فيه: "من يعتقد أن انتصار النظام، لو تحقق، سيعيد الاستقرار إلى سوريا يكون واهما.
حينها ستكون سوريا كما العراق... سلطة من لون معيّن تمثل أقلية وتتبع إيران من جهة، ومن جهة أخرى مئات المجموعات تحت الأرض تقوم بتفجيرات في كل مكان...ولن تأتي أية مساعدات.. ولا أية استثمارات، وسيكون النظام مفلساً، وإيران التي تحت الحصار لن تستطيع تمويله إلى ما لا نهاية،... وستكون إعادة الإعمار حلما بعيد المنال ...
لا شيء يعيد الاستقرار إلى سوريا سوى حل سياسي مثل جنيف ينقل السلطة إلى الشعب السوري، ويُشرك جميع مكوناته في السلطة على نحو عادل ...".

هكذا يهدم أحد خبراء الاقتصاد السوري أوهام "إعادة الإعمار" في "سوريا المُفيدة"، حتى لو تحقق حُلم الأسد ومؤيديه في تحييد ذلك الجزء المُختار من سوريا عن العمل العسكري المُباشر.

في الختام نقول للمسارعين إلى "كعكعة الأسد": لا استقرار في سوريا، بكل أجزائها، إلا بحل سياسي يُنهي العمل العسكري، وذلك يتطلب استيعاب ذلك الجزء من السوريين الذي دفع أثماناً باهظة جراء حرب الأسد على شعبه، وجذبه للتسوية السياسية، وإبعاده عن عالم "العسكرة" والصراع المسلح، والميول الثأرية، أو التطرف والحقد المذهبي المُتولد عن جرائم الأسد وشبيحته في السنوات الثلاث السابقة. ولا يتم ذلك إلا بتسوية سياسية تُخرج الأسد والمقربين منه، من عالم الحكم، وترتب لعقد اجتماعي جديد بين ألوان الطيف السوري، تحفظ لكل السوريين مصالحهم وحقوقهم، في بلدٍ يُمثل كل السوريين، وليس في بلدٍ يقوم على "الغَلبة"، أو على مفردات "البسطار العسكري".

ترك تعليق

التعليق