الليرة على مفترق طرق تاريخي

في الحقيقة هو ليس مفترق طرق، وإنما طريق واحد وفي اتجاه إجباري.. وهو الهبوط.. لكن السؤال الذي يشغل بال الجميع اليوم هو: ما هي سرعة هذا الهبوط..؟، وهل نشهد انهياراً هائلاً لليرة خلا فترة زمية قصيرة، أم أن مصرف النظام المركزي لا يزال قادراً على الفرملة وبالتالي التخفيف من سرعة هذا الهبوط..؟

كل الوقائع تشير إلى أن مكابح المصرف المركزي أصبحت مهترئة ولم تعد قادرة على وقف التدهور الذي تتعرض له الليرة السورية.. غير أن هناك حركة خفية بدأ النظام يسعى خلفها أملاً في تعويض تدخلات المركزي، وهي العودة لفكرة الإنتاج والتصدير، طمعاً في الحصول على سيولة بالعملة الصعبة تعوض النزيف في أرصدة المركزي.. وذلك من أجل أن يعود هذا الأخير لممارسة نفس الدور عبر الضخ في أسواق الصرافة والتحكم بسعر الصرف من جديد.. أي أن ما يهدف إليه النظام هو تبديل فرامل المركزي وليس اتباع سياسة اقتصادية ونقدية جديدة..

إيمان النظام بدور المصرف المركزي في وقف انهيار الليرة السورية، من خلال النجاح الذي حققه على مدى السنوات الخمس السابقة، على ما يبدو أنه حقيقي، لهذا فهو لا يبحث عن بدائل أخرى.. ولكن إلى أي حد هذا الكلام صحيح، وهل يستطيع المركزي أن يمسك بزمام المبادرة مرة أخرى في حال توفر أرصدة جديدة لديه..؟

من الطبيعي أن لا يؤمن النظام بالاقتصاد والإنتاج للدفاع عن الليرة، لأنه كان أول من دمر البنى الاقتصادية في البلد، عندما رفع شعار حرق كل شيء من أجل الأسد.. ولأنه لايزال مصراً على الاستمرار بالحرق، فإنه يتوجه للمصرف المركزي ليمارس هذا الدور.. أما المركزي من جهته، فهو ينتظر الجديد الذي سيدخل خزائنه لإعادة دوره.. وإلى أن يأتي هذا الجديد، ربما يكون الدولار قد تجاوز الألف ليرة.. وهو منطق الإنتاج الذي بدأ يفكر به النظام، إذ أنه يحتاج على الأقل لفترة عام كامل من أجل أن يحصد نتائجه..

 لكن السؤال الذي يطرح نفسه، ماذا إذا لم يتحقق هذا الإنتاج..؟، كيف سيكون وضع الليرة السورية بعد عام مثلاً..؟، لا نريد أن نطلق تكهنات حول هذا الأمر.. لكن المنطق الاقتصادي يقول، بأن الانهيار سوف يكون مدوياً هذه المرة.. ولا نستغرب أن يصل الدولار إلى خمسة آلاف ليرة وبشكل مفاجئ.. فالمأساة السورية باتت مفتوحة على كل الاحتمالات، وربما تكون الليرة السورية هي الأقل ضرراً في هذه المأساة..

ترك تعليق

التعليق