عماد غريواتي.. رجل الأعمال الذي آثر الابتعاد والصمت


عندما تبحث في ملفات رجل الأعمال الدمشقي الشهير، عماد غريواتي، فإنك لا تقع على أي ذكر له بعد الشهر الخامس من عام 2012، وهو تاريخ تقديم استقالته من رئاسة اتحاد غرف الصناعة السورية وغرفة صناعة دمشق، التي قدمها من مقر إقامته في دبي..!!

فلماذا آثر عماد غريواتي الابتعاد في فترة مبكرة من عمر الثورة، ومن ثم الصمت المطبق، وهو رجل الأعمال الوحيد من الطائفة السنية الذي الذي سُمح له بالتمدد حتى غدا في موقع لا يقل أهمية عن موقع رامي مخلوف، بالنسبة للنظام وللاقتصاد الوطني..؟

فما هي قصته وما هو موقفه مما يجري في بلده..؟

فلسفة الصمت عند عماد غريواتي
 
على الرغم من أن استقالة عماد غريواتي من مناصبه لدى النظام السوري، فُهمت على أنها انشقاق عنه أو موقف منه، إلا أن الرجل لم يخرج ويعلق على كل تلك الأقاويل، كما أنه لم يحاول التعليق على اتهامات أطراف في النظام له على أنه موالٍ للثورة..!!

  وحتى عندما جرى الحجز على أملاكه نهاية العام 2011، بحجة مديونيته بمبلغ 850 مليون ليرة لعدد من البنوك السورية، ظل عماد غريواتي محافظاً على صمته ولم يصدر عنه أي شيء..
 
فما سر صمت هذا الرجل، ولماذا هو متحفظ إلى هذا الحد..؟

من يقرأ كيفية صعود عماد غريواتي في عهد بشار الأسد، ربما يستطيع الوقوف على بعض المحددات التي قد تبرر للرجل صمته، فهو كما معروف، الابن الأكبر لزهير غريواتي، رجل الأعمال الدمشقي التقليدي المعروف، غير أن زهير الذي عاش في عهد حافظ الأسد، بنى ثروة طائلة من الصناعة والتجارة، لكنه لم يستطع أن يوظفها في مشاريع أكبر، بسبب خطاب السلطة في تلك الفترة والتي كانت تعتبر رجال الأعمال  ينفذون مخططات الاستعمار والأمبريالية.

 وعندما جاء بشار إلى الحكم في العام 2000، كان صعباً على زهير غريواتي، أن يتوافق مع النوعية الجديدة من المشاريع الصناعية والتجارية والاستثمارية، وكان في وقت سابق قد قام بتأسيس شركة عائلية تحت اسم مجموعة أبناء زهير غريواتي، وتضم أبنائه، عماد وعصام ومحمد وبشار، إلا أن الجديد في الأمر مع مجيء بشار، أنه قام بإيكال مهمة إدراة أعمال المجموعة إلى الأخ الأكبر عماد.

وهنا بدأت المرحلة الثانية من تاريخ عائلة غريواتي على يد أبنائه، وهي مرحلة استطاع عماد غريواتي أن يناطح فيها كبار رجال الأعمال نجاحاً، حتى وصل إلى مرتبة كان يعتبر فيها الرجل الثاني بعد رامي مخلوف من حيث القرب من النظام وثقة السلطة به.
 
فكيف استطاع عماد غريواتي أن يحقق هذه المكانة..؟
 
الطائفة المالية

قلما يقف المتابع على رجل أعمال حظي بكل هذه الامتيازات لدى النظام كما هو عماد غريواتي، والسر في ذلك يكمن بأن النظام في عهد بشار كان يبحث عن رجال أعمال طائفتهم ومعتقدهم ومعبودهم هو المال فقط.. ومن يستطيع أن يقنع السلطة بهذا الأمر، فله الأفضلية بالتقرب منها..

وإذا ما حاولنا متابعة حركة الاستقطاب التي أجراها النظام لتشكيل طبقة رجال المال المرتبطين به، فإننا سوف نتعرف على دائرة من هؤلاء الرجل، كانت تتسع وتضيق وفقاً لهذا المفهوم..

ففي البداية يتم تجريب رجل الأعمال في مشروع ويجري مراقبة مرونته في التعاطي مع رجالات السلطة ومدى سخائه معهم، فإذا نجح بهذا الاختبار يتم إدخاله إلى أطراف الدائرة.. وفي حال نجح أيضاً، يتم تقريبه من مركز الدائرة والتي يديرها ويستولي عليها رامي مخلوف..
 
عماد غريواتي كان من رجال الأعمال الذين وصلوا إلى أقرب نقطة من مركز الدائرة، وهو ما يعني أن الرجل نجح بكل الاختبارات التي تعرض لها حتى حاز على هذه المكانة..
 
وفي استعراض لأعمال عماد غريواتي والشركات والوكالات الحصرية التي حصل عليها منذ العام 2000 وحتى العام 2010، فإننا سوف ندرك معنى الكلام السابق:

فهو استلم منصب رئيس اتحاد غرف الصناعة السورية منذ إحداثه في العام 2006 وفاز للمرة الثانية برئاسة الاتحاد بالتزكية في شباط عام 2010، بالإضافة لرئاسته غرف صناعة دمشق.

وبحسب تعريف اقتبسناه من أحد المواقع الاقتصادية لـ"غريواتي " فهو يعد من أعمدة الاقتصاد السوري الريعي التابع لعائلة الأسد وأقاربهم والشريك الاقتصادي القوي لمفتاح اقتصاد بيت الأسد، رامي مخلوف، من بين 200 رجل أعمال يعملون في اختصاصات مختلفة يرأسهم رامي مخلوف بنفسه ويوزع الحصص والأرباح والمشاريع عليهم.

أما أهم شركات غريواتي فهي:

- شركة غريواتي أوتو: وكلاء لاند روفر، جاكوار، فورد، كيا، ميركوري، لنكولن.
 
- معمل الكابلات السورية الحديثة وهو الأضخم في سوريا.
 
- شركة أبناء زهير غريواتي للإلكترونيات والكهربائيات، مستوردي الأجهزة الكهربائية وأجهزة الإنارة.
 
- مجموعة غريواتي وكلاء لشركة "إل جي" الكورية العالمية للالكترونيات المنزلية.

- المشفى التخصّصي لأمراض القلب والأوعية.

-  الشركة السورية لصناعة السيارات السياحية.

-  مشروع قضبان النحاس والكبلات.

-  شركة غريواتي للمشاريع الصناعية.

- شركة بلاستيكا لإنتاج الحبيبات البلاستيكية.

 - شركة المحوّلات الحديثة.
 
- شركاء في مصنع ضخم لإنتاج الإسمنت مع مجموعة مستثمرين آخرين (المتحدة لصناعة الإسمنت).

- عماد غريواتي من أبرز مؤسّسي شركة إعمار الشام.

 - من أبرز مساهمي شركة شام القابضة التي يملكها رامي مخلوف.

- من أبرز مساهمي بنك الشرق سورية الذي يشترك فيه مخلوف أيضاً.

 - من مؤسسي قناة الدنيا الفضائية.

- من أبرز المساهمين في بنك الشام الإسلامي.

وعند بدء الثورة كانت عائلة غريواتي بصدد الترخيص لإنشاء شركة سورية كويتية للطيران، إضافة إلى شركة طيران داخلية في سوريا.

من خلال العرض السابق يتضح لنا أن خيار الصمت والابتعاد الذي اتخذه عماد غريواتي وأخوته، تجاه ما يجري في بلدهم، كان خياراً صائباً.. وهو خيار وضعهم في مرتبة بعيدة سواء عن اتهامات النظام أو اتهامات الثورة.. وهو أيضاً ما يجعلهم مقبولين في المرحلة المقبلة كيفما انتهت الأمور، سواء لصالح النظام أو لصالح الثورة، أو حتى لصالح العدو الإسرائيلي..

وهي حنكة لطالما ميزت عماد غريواتي عن باقي رجال الأعمال، لتجعله صالحاً لكل زمان ومكان..

مواد ذات صلة:

في تسريبات خاصة.. عماد غريواتي مطلوب لأجهزة أمن النظام

ترك تعليق

التعليق