اقتصاديات.. على هامش مئات آلاف السياح الذين زاروا سوريا في 2017


كل الوزراء الذين تولوا وزارة السياحة في سوريا، كان على الدوام لديهم مشكلة كبيرة في الأرقام التي يقدمونها عن عدد السياح الذين يزورون سوريا كل عام.. فمرة أعلن وزير السياحة سعد الله آغا القلعة، في عام 2010، أنه زار سوريا في ذلك العام أكثر من 7 ملايين سائح عربي وأجنبي أنفقوا 2 مليار دولار.. وفي ذات الفترة كان لبنان قد أعلن أن عدد سواحه بلغ أكثر من مليون شخص بمجموع إنفاق بلغ أكثر من 6 مليار دولار.. فقلت للسيد الوزير بعد أن عرضت عليه التباين في الأرقام: هل تستطيع أن تفسر لي هذه المفارقة..؟

بالإضافة إلى أن سوريا من شمالها إلى جنوبها، ومن شرقها إلى غربها، لا يوجد بها أكثر من 200 فندق، بينها 10 فنادق فقط من فئة الخمس نجوم، بمجموع إشغال لا يتجاوز في حده الأقصى على مدار العام، أكثر من 200 ألف شخص، بما فيها فنادق المرجة، وهذا حسب بيانات الوزارة ذاتها، فأين ذهب أكثر من 6 مليون سائح، وأين أقاموا..؟، وهو رقم ضخم ويفترض أننا يجب أن "نتدعثر" بالسواح ونحن نمشي بالطرقات، بينما هذا الأمر لم يحدث أبداً.. وكان أحدنا عندما يشاهد سائحاً أجنبياً، وكأنه يرى مخلوقاً فضائياً..!!

يومها ألقى الوزير المسؤولية على الأرقام التي أعلنها، على المنافذ الحدودية، بأنها هي من زودته بهذه الملايين.. فقلت له: "إذاً الصورة أصبحت أكثر وضوحاً.. بمعنى، كان يزور سوريا أسبوعياً عشرات الآلاف من اللبنانيين والأردنيين، بقصد التسوق والاستفادة من فارق الأسعار، ومن ثم العودة في نفس اليوم، وهؤلاء يقدر عددهم سنوياً بأكثر من خمسة ملايين، وبالتالي لا يمكن بأي حال من الأحوال اعتبارهم سواحاً.. بالإضافة إلى أن سوريا كانت ممر عبور لكل القادمين من الأردن والعراق نحو لبنان أو بالعكس، وهؤلاء كذلك يقدر عددهم بحوالي المليون شخص، ولا يمكن التعامل معهم كسواح..
إذاً، العدد الحقيقي للسواح الذين يقصدون سوريا هو في أحسن الحالات، مليون سائح، وهو رقم كبير أيضاً، اللهم إلا إذا كنتم تعتبرون السوريين الذي يعملون في دول الخليج ويزورن أهلهم كل عام على أنهم سواح..!!".

هذا التفسير المنطقي لعدد السياح الذين كانوا يزورون سوريا قبل العام 2011، ينسحب على الأرقام التي أعلنها وزير السياحة الحالي بشر يازجي، من أنه زار سوريا منذ مطلع العام الجاري، أكثر من 530 ألف سائح عربي وأجنبي.. لكنه اعترف بأن أرقامه مستمدة من المنافذ الحدودية البرية والمطارات.. بمعنى أن الرقم منطقي، إلا أنه أخطأ في تصنيف هؤلاء، فبدل أن يقول أنهم مقاتلون في الفرق الشيعية إلى جانب النظام، اعتبرهم سياحاً..!!.

ترك تعليق

التعليق