اقتصاديات.. الحيوانات والحكومة


لا تكاد تخلو جلسة من جلسات مجلس وزراء النظام، من توصية بضرورة الاهتمام بالثروة الحيوانية ودعمها، وهذه التوصية غالباً لا تأتي مشفوعة بقرارات معينة، وإنما يتم إطلاقها على سبيل اللغو، الذي يشبه قولنا: أوصيك بصديقي خيراً.

فما سر هذا التركيز على أن تكون كلمة الحيوانات دائماً موجودة في صلب توصيات مجلس الوزراء..؟

بحسب صديق كان يعمل قديماً في مجلس الوزراء، فإن هذه العبارة لفتت انتباه رئيس الوزراء الأسبق محمود الزعبي، في أحد المرات، التي كانت تصله فيها، من رئاسة الجمهورية باستمرار، المواضيع التي يجب مناقشتها في جلساتهم الأسبوعية، ضمن ظرف مغلق. وأن الزعبي في ذلك الوقت تساءل باستغراب: ما الداعي للحديث عن ضرورة دعم الثروة الحيوانية في كل مرة، ما دمنا لا نملك جديداً نقدمه حول الموضوع..؟!، إلا أنه بعد لحظات استوعب الأمر، ودارى استغرابه بابتسامة خبيثة، لكنه ظل في شك، هل الرسالة التي يريد أن يوصلها حافظ الأسد، تخص الشعب أم الوزراء والمسؤولين..؟!

ومن المآثر المعروفة في عصر حافظ الأسد واستمرت إلى عهد ابنه بشار، أنه كان هناك بند ثابت في الاجتماعات الحكومية والحزبية، مخصص لمناقشة هموم الناس، والتي يأتي على رأسها، موضوع الأعلاف والتبن والنخالة.
 
وبحسب صديق آخر كان يعمل في التلفزيون السوري، أنه في أحد المرات طلب منهم تخصيص حلقة لمناقشة هذا الموضوع على الهواء مباشرة، وتم فتح الاتصالات للناس لكي تتحدث عن مشكلتها مع الأعلاف، لكنهم فوجئووا، والكلام للصديق، أن أغلب الاتصالات التي كانت تأتيهم، كان أصحابها يقولون بلهجاتهم المحلية: "نحن فلاحي الجزيرة نريد تبن ونخالة".. "نحن فلاحي درعا ما عنا علف "..
 
ويتابع هذا الصديق: "في ذلك الوقت، انتابنا إحساس أن أصحاب هذه الاتصالات وكأنهم كانوا يتحدثون من القصر الجمهوري".

في عهد بشار الأسد لم يتغير شيء، فقد ظل الاهتمام بالثروة الحيوانية والأعلاف، على رأس جدول أعمال الحكومة، إلا أن أحداً لم يعد يتساءل: من المقصود..؟، الشعب أم الحكومة..!

ترك تعليق

التعليق