ضرب "الأخوة المواطنين" ببعضهم البعض


يحاول النظام التهرب وإخلاء مسؤوليته من عمليات الاستغلال والفساد التي يتعرض لها السوريون يومياً، جراء تقصيره في توفير أبسط حاجات الناس الأساسية، من خلال الطلب منهم، بتقديم شكاوي بحق بعضهم البعض، كي يتحول إلى مختار يقضي بين "الأخوة المواطنين"، وينسون في هذه الحالة سبب المشكلة الحقيقي، الذي هو النظام ذاته.

يومياً، هناك عشرات القصص التي تقرأها على وسائل التواصل الاجتماعي، عن عمليات صدام بين الزبون وسائق التكسي أو سائق السرفيس أو بائع السوبرماركت في الحارة، أو معتمد الخبز والمازوت، بسبب طلبهم لأجور زائدة عن التعرفة التي تم اعتمادها من قبل الجهات المعنية. وحجتهم في ذلك، أن هذه الجهات ظلمتهم كثيراً، ولم تعطهم حقوقهم المالية التي يستحقونها، وبالتالي هم يسعون لتحصيلها من "الأخوة المواطنين" من أجل أن يظلوا قادرين على تقديم خدماتهم والاستمرار بها.
 
أما النظام، فإنه يرد على هذه القصص، بالطلب من أصحابها تقديم شكاوي رسمية، وعندها عليهم أن يحكموا إن كانوا سيحصلون على حقهم أم لا..

في الحقيقة، ثقافة الشكوى في بلادنا منذ ما قبل العام 2011، أي أيام الاستقرار، كانت ضعيفة لأسباب متعلقة بفساد الجهات المعنية التي كانت تقلب الحق باطلاً، لمن يدفع أكثر.. فكيف الحال بعد هذا التاريخ، والدولة غير متواجدة فعلياً على أرض الواقع..؟!

يقول أحد "الأخوة المواطنين" في تعليقه على دعوة الجهات المعنية بتقديم الشكاوى في حال تعرض أحدهم للاستغلال، من نوع طلب أجرة زائدة على السلعة، بأن هذا الأمر شبه مستحيل في ظل غياب نظام الفوترة في البلد.. فـ "شوفير" التكسي هو من يطلب منك أن تشتكي، ولديه الاستعداد لأن يوصلك إلى مركز الشرطة بنفسه، ولكن عليك أن تدفع له أولاً ما يطلب، وإلا فإن العاقبة، سوف تكون وخيمة.. وكذلك الأمر بالنسبة لباقي أصحاب المهن والخدمات، لأنك من الصعب أن تثبت أنه تقاضى أجرة أعلى من التسعيرة الرسمية، في وقت أنت بحاجة فيه لهذه السلعة، والكل يبيعها بنفس السعر الزائد.

المشكلة كان قد رآها  وزير التجارة الداخلية السابق، عبد الله الغربي، على الشكل التالي:
 
التموين بحاجة لآلاف الموظفين من المراقبين، لكي يستطيعوا ضبط الأسواق، وهو أمر لا تستطيع الحكومة تحمل تكلفته، بحسب قوله، بينما من جانب آخر فإن النظام قادر على تحمل تكلفة توظيف آلاف المقاتلين، لكي يقتلوا الشعب السوري..
 
القصة باختصار، أن ما يريده النظام، هو تعزيز ثقافة القتل والتصادم بين أفراد الشعب السوري، وليس ثقافة الشكوى كما يدعي..!

ترك تعليق

التعليق